عظيمي: أحداث 5 أكتوبر لم تقم من أجل الديمقراطية وأدعو إلى دراسة خلفياتها غابت أغلبية وجوه المعارضة السياسية عن الندوة الفكرية التي نظمتها الجبهة الوطنية الجزائرية حول دور المعارضة في البناء الديمقراطي للجزائر، وقد تباينت أراء المشاركين حول الديمقراطية، فبينما اعتبرها البعض نسبية، وصفها البعض الآخر بالفوضوية نظرا لتعدد الأحزاب وفراغ برامجها، ودعا مناضلون آخرون من الأفانا صراحة إلى النزول للشارع للوصول إلى الديمقراطية وتغيير الأوضاع وتصحيحها· ولعل أهم ما ميز أشغال الندوة الفكرية التي نظمتها الأفانا، أمس، بالمجلس الشعبي الوطني، هو غياب أغلبية وجوه المعارضة، من تقويمية، مثل حزب العمال، إلى راديكالية، مثل حزب جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، حيث لم نسجل سوى حضور نائب الإصلاح· وقد أكدت لنا مصادر من الأفانا أن الحزب وجه دعوات لهؤلاء الأحزاب لكنها رفضت المشاركة في الأشغال، دون إعطاء المزيد من التفاصيل، وهو ما أعطى انطباعا بأن كل حزب معارض يعتقد أنه الأكثر ديمقراطية، خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي تقاطع فيها أحزاب المعارضة أشغال بعضها البعض، وخير دليل على ذلك امتناع حزب حسين آيت أحمد صراحة عن توجيه أية دعوة رسمية إلى جميع الأحزاب، حتى تلك التي تصنف في خانة المعارضة خلال أشغال مؤتمره الأخير، ولم يجد كريم طابو أي حرج في التصريح بذلك علانية· وقد أكد رئيس الحزب، موسى تواتي، في كلمة ألقاها بالمناسبة، على أهمية إبعاد رجال المال عن السياسة، مستنكرا عملية استفحال ظاهرة شراء الذمم في المواعيد السياسية للتأثير على النتائج، حيث كانت الانتخابات الخاصة بالتجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة الأخيرة خير دليل على ذلك· أما رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، ساعد عروس، فأشاد بالدور الذي يمكن أن تلعبه الأحزاب في بناء الصرح الديمقراطي، بل وتقوم بمهمة تصحيح أداء السلطة الحاكمة· وواصل ساعد عروس، أن الأفانا تمارس المعارضة البناءة والهادفة وتحرص على نقدها الموضوعي، وعلى هذا الأساس تساند السلطة في كل ما هو موضوعي وسليم وترفض ما تعتبره خاطئا وتقترح حلولا، مشيرا إلى أن الدول المتخلفة تقمع المعارضة عكس الدول الديمقراطية التي تصنع المعارضة من أجل استمرار الحكم الرشيد وقيادة الشعب لمصالحه عن طريق المنتخبين· أما أستاذ العلاقات الدولية، والخبير في الشؤون الأمنية، الدكتور أحمد عظيمي، فذهب إلى حد التشكيك في أن ثورة الخامس من أكتوبر كانت من أجل إقرار الديمقراطية في الجزائر، واستدل بعدة مؤشرات، أهمها عدم رفع المتظاهرين لأية شعارات تدعو إلى إقرار الديمقراطية والتعددية السياسية، مذكرا بالظروف التي سبقت الثورة الشعبية كمشروع دستور الوحدة مع الجماهرية الليبية ومشروع التعريب التام، والدعوة الصريحة لرئيس الجهورية آنذاك، الشاذلي بن جديد، المواطنين للثورة، ليخلص في الأخير للقول إن ثورة الخامس أكتوبر لا تزال في حاجة لدراسة معمقة من أجل جمع خلفياتها، والتي لم تكن الديمقراطية سببا وحيدا لقيامها·