”ابتسامة المهزوم تنسي الفائز فرحة النصر” وإذا فزنا على الجزائر اليوم الخميس. فمبروك لنا. هي مجرد مباراة في كرة القدم. ولا بد أن يكون فيها فائز ومهزوم إذا فازت الجزائر. وهذا أيضاً وارد، فمبروك لهم، لن نغضب بل سنبتسم ونهنئهم ونقول لهم ”مبروك” فهذه هي الرياضة وأخلاقها. (1) المهم ألا تتكرر المهزلة التى حدثت في الخرطوم. مهزلة تعريض العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين لهزة عنيفة غير مسبوقة بسبب مباراة فى كرة القدم. (2) إننى أناشد زملائي الصحفيين والإعلاميين أن يبتعدوا عن الشحن الكاذب. وألاّ يعبئوا الناس ويصوروا لهم الأمر وكأنه معركة ضد العدو. إما النصر أو الشهادة شيء جميل أن نرفع علم مصر. أن نهتف باسم مصر، ولكن الأجمل هو أن نسلّح الجماهير بالروح الرياضية والأخلاق الكريمة التي هي جوهر الرياضة وهدفها. علم مصر أكبر بكثير من مجرد مباراة في كرة القدم، ولا يجب أبداً أن نختزله في مجرد 90 دقيقة، وبعدها إما أن تنطلق المظاهرات في الشوارع أو أن تسود الأحزان (3) ما حدث في استاد أم درمان لا يجب أن يتكرر وفضائيات الشحن الكاذب يجب أن تتوقف. ويجب أن نعترف أنها ارتكبت أخطاء فادحة في التهويل الإعلامي الضار فضائيات الشحن الإعلامي هي التي جاءت بكل الأغاني الوطنية التي تشكّل جوهر الوجدان المصري، وركّبوا عليها صور اللاعبين المصريين وهم يحرزون الأهداف ”خلي السلاح صاحي” ”مصر هي أمي” ”الله أكبر فوق كيد المعتدي” وغيرها من الأغاني الخالدة التى سطرتها الدماء المصرية ضد إسرائيل وليس ضد الإخوة الجزائريين (4) وكما كان من حقنا أن نحلم بالفوز والانتصار. كان من حق الجزائريين أيضاً أن يحلموا بالفوز والانتصار وأن يسعدوا ويخرجوا إلى الشوارع في مظاهرات عارمة. لكن المرفوض هو الإساءة والإهانة والتطاول وحرق الأعلام وترويع الجماهير هذا مرفوض من الجانبين. لأن هذه الأفعال المشينة تسيء لمن يرتكبها أياً كانت جنسيته ليس معقولاً ولا مقبولاً أن تدير الأقدام وليس العقول العلاقات بين الدول. خصوصاً الشقيقة التى ارتبطنا بها بتاريخ من النضال والتضحيات المشتركة. (5) مباراة الخميس. يجب أن تكون مناسبة وطنية للمصالحة بين الشعبين المصري والجزائري، فكما تشاجرا في مباراة يجب أن يتصالحا في مباراة. يجب أن يتحرك عقلاء الدولتين من الآن لنشر ثقافة الرقي والتحضر كل يشجع فريقه ويهتف له ويتمنى له الفوز، وفي النهاية يتعانق الجميع، فائزين ومهزومين. لا يجب أبداً الإذعان للصغائر. سواء في الصحف أو في وسائل الإعلام والفضائيات. ولا يجب أن نسلم أنفسنا للانفعال وللثأر والضغائن. (6) الفريق الجزائري أدى مباريات رائعة في البطولة. واستطاع أن يحول هزيمته إلى انتصار في مباراة ساحل العاج، واستحق لاعبوه عن جدارة واستحقاق لقب ”محاربو الصحراء” الفريق المصري كان أكثر من رائع أمام الكاميرون. واستطاع أن يحول هزيمته إلى فوز مستحق. واستحق عن جدارة واستحقاق لقب ”تماسيح النيل". ”التماسيح” في مواجهة ”المحاربين” كلاهما عربي الهوية واللغة والثقافة والتاريخ والحضارة. كلاهما أخ وشقيق وما تسطره الأخوة لا يجب أن تمحوه مباراة. (7) يوم الخميس يجب أن يكون العرس الإفريقي العربي ففي كل الأحوال سوف يصل فريق عربي إلى نهائي البطولة الإفريقية. وهذا شرف للرياضة العربية ومصدر فخار واعتزاز. لا يجب أن تتحوّل هذه المناسبة بأي حال من الأحوال إلى معركة بين البلدين والشعبين فلتذهب الكرة إلى الجحيم حتى لا تفسد علاقات مسطرة بالعرق والدم. أنا حريص على مصر والمصريين. وأكتب هذا بدافع حبي لمصريتي التي تقتضي أن أكون جسر سلام ومحبة. وأن أسهم في الوئام والوفاق. وليس القطيعة والشقاق. (8) نداء للعقلاء في البلدين. أن يبتعدوا عن شحن الشباب بالغل والكراهية والروح العدائية. فالشباب هم وقود الحماس الجميل. ويمكن أن يتحوّلوا إلى نيران مشتعلة الشباب أمانة في أعناق العقلاء. فلا تزرعوا في نفوسهم روح الثأر والانتقام. واجعلوهم يذهبون إلى الملاعب يحملون الأعلام والزهور، وليس العصي والطوب والحجارة الجزائر هي ممثلة العرب في كأس العالم. والمثل العامي يقول: ”أنا وأخويا على ابن عمي. وأنا وابن عمي على الغريب” ويجب أن نشجع أبناء عمومتنا في تلك البطولة (9) المفترض أن الرياضة هي التي تصلح ما أفسدته السياسة. تمامًا مثلما يفعل الفن الذي يوحّد الشعوب والمشاعر والعواطف والأحاسيس. فلا تجعلوا الرياضة نقمة على الشعوب العربية أنا شخصيًا أتمنى أن تفوز مصر. ولكن لا أنكر على الجزائريين تمنياتهم أن تفوز الجزائر ولنحتكم إلى الجهد والعرق والتوفيق الذي يحالف كل فريق اجعلوا مباراة مصر والجزائر اليوم الخميس مبادرة للمصالحة. إذا فزنا فمبروك علينا. وإذا فازوا فمبروك عليهم. الكاتب كرم جبر