اضطرت نقابتا الأطباء الممارسين والأخصائيين للجوء إلى آخر أوراقهما للضغط على السلطات العمومية لتلبية مطالبهم بعد تسعة أسابيع من الإضراب المفتوح، حيث قررتا نقل الاحتجاجات من المستشفيات والخروج بها إلى الشارع بداية من هذا الأربعاء، وهذا في مسيرة سلمية بمآزر بيضاء تنطلق من مستشفى مصطفى باشا إلى رئاسة الجمهورية، ومثيلاتها عبر الولايات الكبرى، في انتظار مسيرات أسبوعية أخرى تنطلق من وزارة الصحة وقصر الحكومة وقصر المرادية باتجاه رئاسة الجمهورية. ويأتي القرار، الذي اتخذته النقابتان بعد سلسلة من التجمعات الاحتجاجية والاعتصامات التي تبعت الإضراب المتواصل على مستوى مختلف المؤسسات الاستشفائية العمومية والصحة الجوارية، الذي تبناه أكثر من 17 ألفا يمثلون طاقم الأطباء وجراحي الأسنان والصيادلة منذ نوفمبر المنصرم، ليعرف انضمام أزيد من 8500 ممارس أخصائي بتاريخ 4 جانفي الجاري، إلا أنهم فشلوا في تحريك السلطات العمومية وعلى رأسها وزارة الصحة التي ”ترفض التفاوض” معهم لوقف التصعيد. وقال مرابط الياس، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، خلال ندوة صحفية دورية مشتركة مع نقابة الممارسين الأخصائيين، بمقر الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين بالعاصمة، إنه ”تقرر أخيرا اللجوء إلى خيار الاحتجاج في الشارع بعد تعنت السلطات وانتهاجها سياسة اللامبالاة تجاه مطالبهم المشروعة”، حيث سيتم تنظيم مسيرة كل أربعاء تكون بدايتها هذا الأسبوع من مستشفى مصطفى باشا باتجاه رئاسة الجمهورية بالمرادية. وستشارك فيه ولايات الوسط، على غرار تيزي وزو، البليدة، بومرداس وبجاية. ونفس الشيء بكل من وهران وعنابة وقسنطينة وسيدي بلعباس، أين ستكون الانطلاقة من المستشفيات الكبرى نحو مقر الولايات هناك. وأضاف المتحدث أن نفس المسيرات ستتكرر الأسبوع المقبل، لكن الانطلاقة هذه المرة من مقر وزارة الصحة لرئاسة الجمهورية، فيما ستكون الانطلاقة، في الأسابيع الموالية من قصر الحكومة إلى غاية موافقة السلطات العمومية على الجلوس على طاولة الحوار وتلبية مطالبهم. يذكر أن النقابتين رفضتا اللجوء إلى مقترح نقل الاحتجاجات إلى الشارع في وقت سابق، وأجلت هذا الخيار في الكثير من المرات لعل التجمعات الاحتجاجية، التي نظمت بالمستشفيات الكبرى تؤدي إلى نتيجة، غير أنه حصل العكس، ”وأجبرت النقابتان على إسماع صوتهما للسلطات عن طريق الخروج إلى الشارع”، بغض النظر عما قد ينجر عن ذلك من نتائج، مثلما حدث الأسابيع المنصرمة حين تدخلت قوات مكافحة الشغب بقوة لمنع أزيد من 2000 طبيب كانوا يريدون مغادرة مستشفى مصطفى باشا للسير والاحتجاج في الشارع. وأكد مرابط أن ”الأطباء والأخصائيين لن يقبلوا الوعود الكاذبة”، واشترط لوقف احتجاجاتهم ”بتجسيد، أولا، مطلب إعادة النظر في القانون الأساسي للأطباء الممارسين والأخصائيين وفق الصيغة المقترحة بناء على اتفاق مع وزارة الصحة، وتنصيب لجنة مشتركة لإعداد ملف التعويضات مع إعطاء ضمانات من شأنها المحافظة على مقترحاتهم في المشروع الذي ستصادق عليه الحكومة. زيادة على مطلب التطبيق الحرفي لقوانين الجمهورية، فيما يتعلق بالعطلة الأسبوعية، وتطبيق منحة التحفيز الخاصة بالأخصائيين، والتي لم تطبق منذ 8 سنوات، وكذا احترام حرية الممارسة النقابية ورفع التضييق على العمل النقابي. وتأمل النقابتان انفراج الأوضاع قريبا بتدخل لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية على مستوى البرلمان، التي تحركت ووجهت دعوى مستعجلة لوزير الصحة، السعيد بركات، لمقابلته ومساءلته هذا الخميس. كما أنها مستعدة للجوء للوزير الأول في حالة رفض الوزير بركات تلبية الدعوى، وهو ما ثمنه مرابط قائلا ”إن نواب الكتل البرلمانية هم مفتاح انفراج أزمتهم”.