كدنا نختنق ونحن نزور عائلة “مقدم فاطمة“ الساكنة بمستوع بحي واد الفران بمدينة البيض والذي تسكنه منذ أكثر من خمس سنوات، رطوبة عالية ورائحة الأثاث والطبيخ بالإضافة إلى الدخان الكثيف، أعطت للمكان عبقا من الروائح التي إن لم تصبك بالقيء فمصيرك العطس والسعال والتدمع. العائلة المشكلة من ستة أفراد، أربعة أطفال والزوجين، بالإضافة إلى ابنتها المطلقة وابنتها تعيش الأمرّين بالمستودع الذي تسكنه ولا تستنشق الهواء النقي إلا بعد الخروج منه، إما لقضاء الحاجة أو لاستنشاق الهواء لأن المستودع أو بالأحرى القبر لا يصلح للأحياء. وحسب رب العائلة، فإن مغادرتهم لهذا المستودع لا يتم إلا بعد الثانية ليلا بعد أن يخلد الجيران والسكان للنوم وتنقطع الحركة، حيث يخرج الأفراد الستة واحدا تلو الآخر تحت حراسة الأب إلى الشارع وسط البرد والخوف والقهر لقضاء حاجتهم. الأب أكد لنا أنه لا يحرسهم من تحرشات السكارى والمتشردين فقط، بل حتى من هجوم الكلاب الضالة. الأم شكت حالها وهي تبكي وعبرت بنبرات خافتة خائفة بالقول إنها تخشى أن تموت ولا ترى نفسها تسكن منزلا لائقا كبقية الناس على الأقل سكن به دورة مياه، كما أضافت أنها طرقت كل الأبواب ولا أحد يجيب. صرخة عائلة مقدم بقدر ما بعثت في نفسنا الأسى والحزن، أكدت لنا أن الكثير من البسطاء يموتون كل يوم ألف مرة في صمت “وهل هناك أشد من أن تداس كرامة الإنسان وإنسانيته ولا أحد يتحرك“. العائلة تناشد كل الجهات المعنية بدءا بالوالي، رئيس البلدية ورئيس الدائرة للنظر بعين الإشفاق والرحمة لها والحصول على سكن خاصة وأن ملفها على مستوى دائرة البيض منذ حوالي أربع سنوات.