شرعت النقابات المستقلة في الفترة الأخيرة، في البحث عن أية هيئة بإمكانها الاستماع والإنصات والبحث عن سبل لحل المشاكل التي يعاني منها موظفو القطاعات التي تنتمي إليها، ورغم أن البرلمان هيئة لا تمتلك السلطة التنفيذية، كونها هيئة تشرع القوانين دون امتلاك أدوات تخولها تنفيذها. وكانت نقابة سيارات الأجرة أول من فكر في طرح المشاكل العديدة التي يعاني منها المنتسبون للقطاع على لجنة النقل بالمجلس الشعبي الوطني، وكانت ذات اللجنة قد وجهت طلبها لنقابة سائقي سيارات الأجرة للالتقاء، قبل شروعها في إضراب اليومين الأخيرين نهاية الشهر الفارط، إلا أن النقابة، وعلى لسان رئيس الاتحادية الوطنية لسائقي سيارت الأجرة، السيد حسين بن إبراهيم، فضلت أن تنتقل لملاقاة أعضائها عقب الإضراب، وهو ما كان فعلا، وحسب ذات المتحدث فإن الخطوة التي قامت بها لجنة النقل بالبرلمان “المبادرة إيجابية رغم علم أصحاب سيارات الأجرة أن النواب لا يملكون سلطة اتخاذ القرار، ولا التدخل لإجبار الوزارة الوصية على تلبية مطالب 140 ألف صاحب سيارة أجرة، ممن أتعبتهم الضرائب المفروضة عليهم، وغياب الرخص، حيث يجب عليهم تأجيرها لدى فئة المجاهدين وذوي الحقوق، وغيرها من المطالب التي بحت أصوات ممثليهم في ترديدها دون أن يحرك ذلك ساكنا في وزارة النقل“، التي “تتحجج في كل مرة، بكون مشاكل النشطين في المهن الواقعة في فلكها، حلها موجود لدى دوائر وزارية أخرى، وبالتالي عليهم التوجه إلى تلك الوزارات التي ترد بدورها بأن القطاع تابع لوزارة يجب عليها التكفل بحل مشاكلهم. إلى ذلك، تبقى أكثر من 140 ألف عائلة في انتظار سؤال قد يكون شفويا أو كتابيا يطرحه نواب الشعب على وزير القطاع، الذي “قد يكلف نفسه بعد أشهر من توثيق السؤال ويقدم رده، غير ملتزم بإيجاد الحلول اللازمة“. أما رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، فقد صنف طرقه أبواب لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل بالمجلس الشعبي الوطني، ضمن وظيفة نواب الشعب في تحمل المسؤولية، حيال المشاكل التي يعاني منها قطاعهم، ومثلما توجه النواب إلى الناخبين بالأمس لطلب أصواتهم، فللمواطن الحق في التوجه إليهم وطلب مد يد العون أو إسماع صوته وهو أضعف الإيمان. وإذا كانت لجنة الصحة على مستوى الغرفة الثانية، قد استقبلت ممثلي الأطباء، وهم يمثلون النخبة، إلا أن مثيلتها بمجلس الأمة رفضت حتى استقبالهم وتسجيل بريد شكواهم، مما أدى إلى تأسف بالغ لدى الأطباء الذين أكدوا أنهم متيقنون أن هذه اللجان لا تمتلك سلطة حل مشاكلهم وتحقيق مطالبهم المتمثلة في ضمان حياة كريمة، ونيل أجور تتوافق مع نظرائهم في بلدان أخرى أو حتى تقترب منها نظرا للفرق الشاسع الملاحظ رغم أنهم يؤدون نفس المهمة، إلا أن ممثلي نقابة ممارسي الصحة العمومية أرادوا تسجيل حضورهم وإثبات أنهم طرقوا كافة الأبواب، موازاة مع توقفهم عن العمل ودخولهم في إضراب مفتوح يدفع ثمنه المواطن الذي لا يملك ثمن إجراء فحص طبي أو عملية جراحية على مستوى العيادات الخاصة، كما ثمنت نقابة ممارسي الصحة مواقف الكتل البرلمانية لعدد من الأحزاب، منها الأرندي والأرسيدي وحمس وحزب العمال، التي فضل منتخبوها تبني مطالب هذه الفئة من خلال مشاركتهم في التجمعات والاحتجاجات كتعبير منهم على تبني مطالبهم المشروعة. ورغم افتقاد المنتخبين لسلطة إخضاع ممثلي السلطة التنفيذية، لما يشرعه المنتخبون في الجزائر خلافا للدول الديمقراطية، فإن لجوء ممثلي النقابات لنقل شكاويهم إلى قبة البرلمان يحمل صفة رمزية لا أكثر، ليبقى الشارع والاحتجاجات التي يحتضنها أكثر فعالية من غيره من الأماكن الأخرى ولو كانت مبنى البرلمان.