من بين القطاعات التي دخلتها المرأة بنجاح قطاع التربية، فالمدرسة صارت مرادفا للمعلمة، والمربية، ومهنة التعليم والتربية تليق جيدا بالمرأة، فهي الأم التي تلقن الأطفال التلاميذ، العلم وأساليب الحياة، ولهذا السبب احتفيت منذ يومين في هذا المقام بسيداتي المعلمات اللواتي تعلمت على أيديهن الكتابة وحب العلم والمعرفة، ومن خلالهن كل نساء سلك التربية. وقد لامني قرائي أنني تكلمت بلغة العاطفة، وطبعت كلامي بهجة الاحتفال التي ننسى في خضمها أن نرى العيوب، وقال أحد قرائي وهو إطار في الدولة، إنني لم أكن منصفة عندما دافعت عن المعلمة المضربة، وعن المعلمات بصفة عامة، لأن للمعلمات أيضا عيوبهن التي لم يكن من واجبي - حسبه - إغفالها حتى وإن كانت المناسبة مناسبة للفرح والاحتفال، وقال قارئي الذي انتقدني بشدة، إنه ما كان "لمعلماتي" الاستمرار في الاضراب طوال هذه المدة، والرمي بأبنائها وتلاميذها إلى سنة بيضاء يدفعونها ضريبة من أعمارهم، فالمعلمة - قال - أم ومربية، وكان عليها أن تراعي مصلحة التلاميذ ومستقبلهم، وأن تجنبهم القلق الذي يعيشون فيه هذه الأيام، خاصة أولئك المقبلين على امتحانات، كتلاميذ الأقسام النهائية. قد يكون محدثي، محقا بعض الشيء فيما قال، صحيح أن الكثير من المعلمات، هن مجرد موظفات ولا يقبلن على المهنة بحب، ولا يخلصن لها الإخلاص المطلوب، وكم منهن اللواتي ابتعدن عن الرسالة التربوية، لكن هذا لا يمنع من الاعتراف للأغلبية منهن بما قدمنه لهذا القطاع، صحيح أنه لسوء حظ النساء أن قطاع التربية الذي هو قطاع المرأة بدون منازع، يعاني وضعا مأساويا، لكن هذه ليست مسؤولية المرأة وحدها، وإنما مسؤولية المجتمع ككل، ثم إن الرجال الذين هم في مهنة التعليم ليسوا بأحسن حالا من المعلمات. وقد تكون للإضراب أيدٍِ سياسية خفية تحركه مثلما حركت خيوط خفية قضية العروش في سنوات سابقة، وقد تكون بقايا الأحزاب السياسية الإسلامية أو غير الإسلامية التي عاثت في البلاد فسادا منذ سنوات، تحاول اختراق نقابات عمال التربية وتستعملها لتحقيق مآرب سياسية، ومحاولة عرقلة كل ما تقترحه الدولة من حلول، فهذا لا يعني أن المطالب المرفوعة تفتقر للشرعية. وعلى مناضلي هذه النقابات الاحتراس من تلك العناصر، وكشفها وإبعادها حتى لا تستغل نضالهم ومطالبهم لنشر الفوضى والبلبلة، وحتى لا يكون مصير أبنائنا الذين هم مستقبل البلاد لعبة في يد مغامري السياسة، فهؤلاء ليس لهم ما يخسرونه، وربحهم هو التشويش على كل شيء يتحرك في البلاد. لا بأس أن أوجه إلى معلماتي بمناسبة الاحتفال بيوم المرأة الذي صار يمتد في الجزائر طيلة الأسبوع رسالة بالمناسبة، وأقول لهن إن الإضراب طال، وصار ضرره أكثر من نفعه وأبناؤنا أمانة في رقابهن؟!