تافهون نحن؛ إذ نُصدّق، وتعساء نحن إذ نُصفّق.. حيارى، مغفلون، مجانين.. وكل الأوصاف غير الجميلة تليق بنا، تقولون لماذا وسأقول لكم لأننا آمنا ذات يوم بما آمن به جبران. وستقولون كذلك وبماذا آمن هذا “الجبران”.. وسأقول لكم أيضا أنه آمن بما لم تؤمن به بنو إسرائيل، وبما لم تؤمن به أشباح وعفاريت المدينة! تافهون نحن ما بقيت أيدينا تصفّق لأصحاب البطون السمينة، حيارى نحن ما دمنا لم نُطلّق صمتنا؛ لا أقول بالثلاث ولا بالأربع..بل الطلاق بالآلاف، مغفلون نحن إذ نواصل الإخفاق في حل المعادلات، وبالطبع نحن مجانين لأننا نرى النهر بحرا، والفأر قطا، والثعابين صحبا وأغلقنا الباب في وجه الشرفاء.. نعم آمنا حقا بما آمن به جبران، وكفرت به بعض أوثان المدينة، غير أننا خُنا فخُذلنا، فشُنقنا عند منحدر السكات! ورقصت على جثثنا أشباح، عفاريت وأوثان المدينة... غير أنه، وفي ذات ربيع من شهر نيسان نَمَت على حوافي قبورنا، براعم زهر صغيرة، تشبهنا في إيماننا، في صدقنا، في براءتنا... ولكن هل تعلمون أن حمار المدينة بدل أن يقوم بشمّها، قام بأكلها! هاهي ذكرى اغتيالنا تمر في صمت، سنين كثيرة ونحن نتقلب في أوجاعنا، التراب يلفنا والظلمة تخنقنا، ولا أحد ممن بقي من شرفاء المدينة يضع باقة ورد على قبورنا.. حُرمنا حتى من حق الدعاء لنا، ذابت عظامنا ولا أحدا تفكّرنا فسمّى أبناءه بأسمائنا.. هي لغة النسيان تفعل فعلتها، هي لغة النكران نجحت أشباح وعفاريت المدينة في تلقينها وغرسها في من يدعي أنه من أشراف المدينة.. تصلنا الأخبار تباعا من بعض الفئران والديدان التي شبعت من لحومنا، وآخر خبر تلقفناه؛ كان من دودة صغيرة قالت لنا أن أوثان المدينة، شنقوا كل من بقي من أتباعنا؛ من الذين آمنوا ذات يوم بما آمن به جبران، غير أن أحد الفئران تدخل قائلا.. لا تصدقوا الدود إنه يتلوى في مشيته، صدقوني أنا.. أنا من يعشش في أقبية منازل أصحاب البطون السمينة،.. لقد سمعتهم يقولون: سنجعل أتباع جبران عبيدا لنا، خدما لنا...يُسبّحون لنا.. وبالطبع يصفقون لنا.. وسنجعلهم متناحرين فيما بينهم، لكي لا يشتد عودهم، لأنه إذا اشتد عودهم.. فسيشنقوننا على أسوار المدينة..أخيرا نقول ونحن في قبورنا.. أن ذنبنا الأعظم هو أننا آمنا ذات يوم بما آمن به جبران، وكفرت به أشباح وعفاريت وأوثان المدينة..(لن أقول لكم بماذا آمن به جبران)...