لم تعد مهمة الكشف عن المزورين في الوثائق الرسمية حكرا على رجال الأمن، سواء كانوا من أصحاب البذلة الخضراء أو الزرقاء، بل امتدت إلى الموثقين الذين تمكّنوا في عدة مرات من رفع اللثام عن عدة قضايا تزوير تصل إلى مكاتبهم ولا تخرج منها قبل أن تعرج على أروقة العدالة، وهو الحال في القضية التي نظرت فيها، أمس الأول، محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة، والتي كان وراءها موثق تفطن إلى وجود تلاعب مفضوح في عقد إيجار توثيقي أراد المزورون منه أن يصادق عليه، بالرغم من عدم صحته. فصلت محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة في قضية تزوير في محرر رسمي وإداري واستعمال المزور والمشاركة في نفس الأفعال، وهي القضية التي تورط فيها ثلاثة أشخاص، منهم المسمى (ي.هشام)، 30 سنة، والذي تقرب من مكتب الأستاذ (د.عبد الكريم) بالأربعاء، من أجل المصادقة على الوثيقة المذكورة على أساس أن العقد محرر بمكتبه، وهو ما لم يكن له أساس من الصحة، ولا وجود له بسجلات المكت، كما أن الختم والتوقيع الواردين في عقد الإيجار مزوران، ولا يخصانه، ليثبت بعدها تحقيق مصالح أمن دائرة الأربعاء أن المتهم (ا.عادل)، 33 سنة، يقف وراء عملية التزوير، بحكم تعوده على إصلاح جهاز الإعلام الآلي في مكتب الموثق. المتهم هشام، وحسبما أفاد به مصالح الأمن، أكد أنه كان بحاجة ماسة إلى عقد إيجار من أجل استخراج دفتر السجل التجاري، ولدى بحثه عن محل التقى بالمتهم عادل، الذي وجهه إلى المتهم الثالث في القضية، وهو (ز.فؤاد)، مشيرا إلى أنه بعد حصوله على نسخة من العقد حاول المصادقة عليه، ولم يكن يعلم أنه مزور، وإلا لما قصد مكتب الموثق بصورة طبيعية. يذكر أن الوحدة المركزية التابعة لكمبيوتر الموثق، والتي عمل المتهم عادل على إصلاحها، كانت تحوي صورا عن بعض الوثائق، والتي احتفظ بها الجاني قبل أن يستنسخها ويعمل على المتاجرة بها مقابل مبالغ مادية، على غرار هذه العملية التي كلفته السجن النافذ لمدة ثلاث سنوات رفقة بقية المتهمين، بعد أن نطقت هيئة المحكمة بحكمها الذي بقي بعيدا عن مطلب النيابة بسجن الجميع 15 سنة سجنا نافذا.