قالت إسرائيل إن قمر التجسس الصناعي ”أوفيك 9” الذي أطلقته الأسبوع الماضي سيحرم أية دولة في الشرق الأوسط من القيام بعمليات سرية، وإن إيران لا يمكن أن تنقل مواد ممنوعة دون كشفها، بل إنه قادر على تصوير أحمدي نجاد في بيته وهو يحتسي قهوة تركية. لو أن إيران أو أية دولة عربية أو إسلامية هي من قالت مثل هذا الكلام، أو أطلقت قمرا بهذه الدقة، لقلب الإعلام الغربي الدنيا ولم يقعدها، ولاعتبر هذا البلد خطرا على أمن الإنسانية، بل سبق وتحاملت الصحف الأمريكية والأوربية منذ أزيد من سنة على إيران بعد إطلاقها قمرا صناعيا من صنع إيراني مائة بالمائة، لتعود إلى النبش من جديد في ملفها النووي وتطالب بتشديد العقوبات عليها، أو لضربها إن تحتم الأمر، مثلما فعلت مع العراق سنة 1991، لأن صدام طلع على التلفزيونات يحمل بيده آلة، وقال إن بلده على وشك الوصول إلى القنبلة النووية، فكانت النتيجة التي نعرفها اليوم جميعا. لكنها إسرائيل، التي تمتلك ما لا يقل عن مائتي رأس نووي، ولا أحد تجرأ وحاسبها ، لا الغرب ولا الأنظمة العربية أو الإسلامية، تشجعت وألحت على المنظمة الأممية للعمل على تحقيق مبدأ ”من أجل شرق أوسط خال من الأسلحة النووية”، لا أحد تجرأ وطالب إسرائيل بوقف تسلحها النووي وفق المعاهدات الدولية، إسرائيل دائما فوق القانون، يحق لها ما لا يحق للآخرين، تفعل ما تشاء، إن كان في الفضاء أو على الأرض، فهي ثاني دولة مستقلة في الفضاء بعد أمريكا من بين سبع دول، وكلنا مستعمرون بمفهوم السيطرة على الفضاء، وفوق هذا كله تتبجح بتجسسها على نجاد وهو يحتسي قهوة تركية. لا أفهم المنطق الذي تحتكم إليه الدول، منطق يسمح للبعض فعل ما يريدون، حتى التجسس على حرمات الغير، وفي المقابل يمنع هذه الدول حتى من تخصيب اليورانيوم ولو كان لأغراض سلمية، وهو نفس المنطق الذي سويت بسببه العراق بالأرض، وقضي على كل أمل لتطور هذا البلد، الغني بثرواته وبطاقاته البشرية، وكاد أن يكون بلدا ناشئا ينافس الصين والهند ويقلب القوى الدولية. قد تنجح إسرائيل في تصوير نجاد يرتشف قهوته التركية، أو تكشف حقيقة مفاعل أبو شهر، وهو أقل خطورة حتما على ما يوجد في مفاعل ديمونة، إلا أن نجاد مصر على موقفه وسيشرب قهوته حتما نخب نجاح التحدي الذي رفعه أمام أمريكا وتمام إسرائيل.