سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عرشا آث كوفي وآث غبري يسخران 500 مركبة لاقتحام أدغال تيزي وزو بحثا عن ابنهم المختطف “الفجر” في دورية نحو الشرق تقتفي آثار الوناس في عمق المنطقة المحرمة
عائلة الوناس تنفي اتصال الجماعة المسلحة المختطفة بها ومطالبتها بفدية رغبة منها في تحري الحقيقة من مصادرها الحقيقية، ولرفع الغبار عن قضية حساسة مرتبطة بمصير عرش بأكمله اختارت “الفجر” الأربعاء الفارط التوجه نحو المرتفعات الجبلية لبلدية فريحة مسيرة وإضراب عام يشلان بلدية فريحة اليوم و40 قرية تتجند سكان تالة تقانة يطالبون بكلاب مدربة وفرق مختصة في تفكيك القنابل أمر مستعجل الواقعة على بعد 31 كلم عن مقر الولاية تيزي وزو، لكشف حقيقة قضية اختطاف الشاب البالغ من العمر 35 سنة “ي. الوناس”، التي ارتبط حلها بتعبئة جماهيرية ومساندة حاشدة من مختلف عروش تيزي وزو، ووضع النقاط على الحروف، والذي تم اختطافه ليلة السبت إلى الأحد الماضيين في حاجز مزيف من طرف مسلحين بتالة تقانة، على بعد 7 كلم عن بلدية فريحة، وهو على متن مركبته الخاصة، والذي لم تظهر عنه إلى غاية أمس الجمعة أي أخبار بعد مرور أسبوع على اختطافه، خاصة وأنه يعاني من مرض السرطان. هذا، وسيشن اليوم السبت سكان عرش آث جناد إضرابا عاما ببلدية فريحة، الثاني من نوعه، يكون متبوعا بمسيرة تنطلق من ملعب المدينة، ليجوب المتظاهرون الشارع الرئيسي لفريحة للمطالبة بإطلاق سراح الشاب المختطف منذ أسبوع، فهو الذي يعاني من مرض، كما أن المتتبعين لمستجدات القضية ما يزالون في لقاءات تشاورية إلى ساعات متأخرة من منتصف الليل من كل يوم. عرش آث جناد: لن نرضخ لمطالب المتمردين وسنكون لكم السد المنيع رحلة “الفجر” إلى أعالي فريحة القريبة من عزازقة وإيعكوران، الواقعة على الطريق الوطني رقم 12، كانت بدافع كشف حقيقة اختطاف الشاب الوناس، وهو في ربيع شبابه ومواساة عائلته وأهله من قريب أو بعيد، حيث كانت انطلاقتنا في حدود الساعة العاشرة صباحا على متن مركبة نقل جماعية، بعد أن رفضنا المغامرة بعربتنا الخاصة لكي لا نلفت انتباه أي أحد، لم يكن وصولنا إلى مقر بلدية فريحة بالسهل لازدحام حركة المرور على طول الطريق الوطني في منطقة تابوقيرت مع تكثيف الحواجز الأمنية الثابتة، ونحن نسلك الطريق الوطني رقم12 استوقفتنا الصور الكارثية لوادي سيباو، الذي تهدده كارثة إيكولوجية حقيقية بعد انخفاض منسوب مياهه تحت مستوى ثلاثة أمتار، ليتحالف بذلك الإرهاب وناهبو الرمال دون تحرك الجهات المعنية. تجاوزنا المنعرجات الخطيرة للطريق خلال ساعتين من الزمن، لنصل إلى قلب مدينة فريحة، التي وجدناها شبه نائمة، ونحن نمر قرب مقر البلدية استوقفتنا شعارات معلقة رفعت أثناء إضراب عام شل المنطقة قرب الباب الرئيسي لبلدية فريحة من طرف سكان قرية تالة تقانة، الذين يطالبون بتحرير الرهينة الوناس، وإعادته سالما إلى أحضان والدته التي تتألم في غيابه، وكذا شعار “لن نرضخ لمطالب المتمردين وسنكون لكم السد المنيع”. انتابنا أحساس بالخوف ونحن نتجول في أرجاء المدينة غير مبالين بأشعة الشمس الحارقة، التي فاقت ال40 درجة، لكن سرعان ما تلاشت مع مصادفتنا لعدد من أبناء المنطقة الذين استفسرناهم عن المسافة التي تربط فريحة بقرية تالة تقانة، حيث يقطن الرهينة، ليجيبنا أحدهم قائلا، عليك أن تسلك طريق العمارات القريبة من مدخل فريحة حيث تتواجد عربات النقل المؤدية إلى قرية تالة تقانة، حيث يقطن الشاب المختطف، وقبله كنا قد قصدنا مكتب رئيس بلدية فريحة السيد (ع. م) ليس بخصوص قضية اختطاف الشاب الوناس وإنما لإجراء لقاء صحفي حول واقع التنمية المحلية بالبلدية، ليتبين ذات المسؤول بحسه المرهف وتواضعه أنه يتابع باهتمام تفاصيل القضية، مبديا تأسفه الكبير لما ألم بعائلة الرهينة. خرجنا من مدينة فريحة على عجالة من الجهة الخلفية، ونحن نسير باتجاه تالة تقانة، التي وصلنا إليها في حدود الساعة الثانية بعد الزوال، لفتت انتباهنا الحواجز الأمنية المكثفة التي توحي لأي غريب عن المنطقة بأن هذه الأخيرة تعيش حالة ترقب أو أي شيء آخر من هذا القبيل، نزلنا بالمنطقة التي قررنا زيارتها ونحن عازمون على إتمام المهمة. أول من استوقفنا امراة في العقد الخامس من عمرها رفقة ابنتها، التي تكون في العقد الثالث، سألناهما إن كانتا تعرفان الوناس، الشاب الذي اختطفه المسلحون، فرغم ارتياحهما لحديثنا معهما غير أنهما إجابتا بلا، وكان الخوف باديا على وجهيهما، خاصة بعد أن اكتشفتا أننا غرباء عن القرية، لكن تدخل الفتاة غير موازين القوى لصالحنا، حيث بدأت وبكل عفوية في سرد تفاصيل عن الشاب المختطف طبعا، وقالت لنا إذن انتم من الصحافة، لنرد بنعم وكذلك نحن في مهمة ونبحث عن الشباب الذي كنت تتحدثين عنه منذ قليل، لتتذكر في الحين وتواصل نعم أكيد إنكم تبحثون عن الضحية المختطف، لتقودنا إلى منزل المقاول والخوف ينتابنا، مشيا على الأقدام لبضعة أمتار. في الطريق بدأت في سرد تفاصيل عن عملية الاختطاف، و صرحت بأن الضحية اختطفه عنصران مسلحان على مستوى مفترق الطرق المؤدي إلى سوق الحد، مضيفة أن السكان يتحدثون دون علم عائلته عن تصفية حسابات، وأن هناك يدا عائلية قريبة في الأمر، لأن الجماعة المختطفة منذ البدء كانت على علم بمرض الضحية، حسبها، وقد تساءلت المتحدثة كيف تم تسريب معلومات لهؤلاء الغرباء (أي الجماعة المسلحة) أن الوناس مريض. ولم يدم حديثنا معهما طويلا، حيث افترقنا في الطريق بعد أن صادفنا طفلا لا يتعدى عمره 13 سنة، وهو يقول هل جئتم لرؤية الوناس، إنه ليس موجودا، وهو يتحدث بكل عفوية، ليضيف سأرافقك إذا أردت ذلك، ليرفض بعد أن أجبنا بنعم، إلا أنه دلنا على منزل الوناس المختطف، ويشير بإصبعه إلى مكان مرتفع به فيللا صغيرة، وغير بعيد منه وجدنا شابا آخر عليه علامات الغضب وهو يقول بعبارة حزينة “إن أهل عرش آث جناد لن يتسامحوا مع مختطفي الوناس وسنكون لهم السد المنيع”. 40 قرية تتجند والمختطفون يعلمون نوع دواء الوناس وصلنا إلى مدخل قرية تالة تقانة في حدود الساعة الثانية بعد الزوال، حيث يتواجد منزل الضحية المختطف، كان حينها الجو حارا جدا، قابلتنا الكراسي المصطفة داخل مرآب الفيلا، ووفود من سكان القرى يتوافدون إلى عائلة الوناس، التي اختفت دقائق فقط قبل وصولنا المكان بعد إخطارهم من طرف رئيس بلدية فريحة، الذي هاتف أخ الضحية وأكد له أن الصحافة تبحث عن منزلهم وهذا لتقديم الدعم المعنوي، ورغم ذلك حظينا باستقبال محترم من طرف المتواجدين هناك من أبناء القرية وأفراد عائلته، والذين ينتظرون جديد الوناس، إلا أنهم ثاروا غضبا على ما نشر مؤخرا في الصحافة بخصوص وجود اتصال بين عائلة الوناس والجماعة المختطفة التي حددت 3 ملايير سنتيم لإطلاق سراحه، وهو ما كذبوه مؤكدين أن اتصالا واحدا فقط تم بين الطرفين والذي دار حول نوعية الدواء الذي يتناوله الوناس، الذي كان قد أصيب بالسرطان. انطلاقنا في الحوار مع أهل المختطف والحاضرين، لم يكن فيه عقدة، لا سيما وأننا تحدثنا مع أحد أعيان لجنة القرية، الذي بدأ يسرد ويؤكد لنا بلهجة شديدة أن ما تداولته بعض الصحف غير صحيح، والجماعة التي اختطفت الوناس لم تطلب أية فدية، فكل ما قيل مجرد كذب ونفاق، فمن المفروض أن تساهم الصحافة في التوعية والتعبئة الجماهيرية في هذا المصاب. وأضاف محدثنا أن الوناس معروف بسلوكه الحسن، فهو محبوب لدى الجميع لتواضعه وحبه لفعل الخير ومساعدة المحتاجين، لاسيما في رمضان، كما أنه مؤدب يحترم كل مواطني القرية والقرى المجاورة وليس له أي حسابات مع أي كان. ليواصل سرد تفاصيل الحادثة ووجه يغمره الحزن والأسى، وكانت الدموع لا تتوقف، مؤكدا أن اقتياد الضحية كان بدون شفقة من طرف الجماعة المسلحة، التي دفعت به إلى متن سيارة أخرى إلى منطقة إفليسن، البعيدة حوالي 50 كلم عن مقر بلدية فريحة، حيث تم العثور على مركبته الخاصة من نوع “ڤولف” ساعات بعد اختطافه، مضيفا “ليس من السهل تقبل ما وقع لأفراد عائلة الوناس، لأن هذه الفاجعة التي اهتز لها سكان عرش آث جناد، إلى جانب عرش آث غبري بعزازقة مع عرش تيقزيرت المعروفين بخصالهم ووفائهم للمبادىء الإنسانية التضامنية، دفعتهم ليعقدوا العزم على استرجاع الوناس معافى سالما”. وحسب المتحدث، فإن الوناس تعرض لعملية اختطاف ليلة السبت إلى الأحد الماضي، في حدود الساعة العاشرة ليلا، وذلك على مستوى الطريق البلدي الرابط بين قرية ثالة نقانة ومقر بلدية فريحة، وتحديدا بالمكان المسمى مفترق الطرق سوق الأحد، بالقرب من تالة تقانة، وهو المكان الذي اعتادت الجماعات الإرهابية على نصب الحواجز المزيفة فيه عند مخرج قرية “آث بويالي”، حيث كان المقاول عائدا من عرس عائلي على متن سيارته الخاصة من نوع “ڤولف”، وأثناء اجتيازه مفترق الطرق لصعود مرتقى القرية استوقفه عنصران مسلحان في حاجز مزيف كانوا بالزي المدني وملثمين، وطالبت الجماعة من الضحية الوثائق ظنا منهم أنه من المخابرات، وبعد التأكد من هويته الحقيقة أرغموه على النزول، خاصة وأنه كان لوحده، وهددوه بالقتل بعد أن حاول مقاومتهم والإفلات من قبضتهم، كما حاول الصراخ لطلب النجدة، لكن سيارة المسلحين كانت أقوى عندما فرت به بسرعة البرق، لكن وبعد ساعات من العملية، وفي حدود الساعة الرابعة صباحا، اتصلت الجماعة المسلحة بالعائلة وطلبت منها عدم القلق على الضحية، وقالت إنه بخير ليسألهم أخوه الأكبر إن كان بحوزته دواء فرد ب”لا”، ليجيب عليه أحد أفراد الجماعة المسلحة إنهم اشتروا له دواءه الخاص، لينقطع الاتصال. وفي الصباح الموالي عثر المواطنون على سيارته على حافة الطريق المؤدي إلى منطقة إفليسن، على بعد 50 كلم عن مكان اختطافه، ليتم استرجاعها، لتنقطع منذ ذلك اليوم الأخبار مع المختطفين، لكن مع ذلك زاد إصرار المواطنين على البحث عنه من خلال تجنيد ما لا يقل عن 40 قرية للبحث عنه بمتابعة من أشخاص يتجاوز سنهم الستين حرصا منهم على استعادة ابنهم. عائلة الوناس تحت الصدمة.. والمواطنون يطالبون بكلاب مدربة للبحث عنه وكانت عائلة الوناس، التي أضحى أفرادها لا يأكلون ولا يشربون، تعيش على وقع الصدمة، ووالدته التي تركناها طريحة الفراش تطلب الإفراج عن فلذة كبدها دون شروط، فالوناس، حسب شهادات جميع من تحدثنا إليهم، شاب محبب ويتميز بخصال حميدة، ومحب لفعل الخير ويساعد الفقراء والجمعيات. وقبل مغادرتنا المنزل أو بالأحرى الفيللا الصغيرة، حاولنا الحديث مع كل من وجدناهم بمسكن الضحية المختطف عن الخطوات المستقبلية التي ستنتهجها خلية الأزمة المتتبعة لقضية الوناس، ليؤكدوا لنا أن الجميع مجند منذ الساعة الأولى من اختطاف الوناس، حيث تحركوا على عجالة من خلال الهبة الجماهيرية لعرش آث جناد، يضاف إليه عرش آث أغبري بعزازقة وعرش تيقزيرت، كما تم تنظيم قافلة تضامنية جابت 80 كلم، حيث وصلت مناطق إفليسن، تميزار وفريحة وأغريب، مع تجنيد ما لا يقل عن 40 قرية مجاورة في العملية، إلى جانب تخصيص 500 سيارة من مختلف الأحجام لاقتحام الغابات المجاورة لقرية تالة تقانة لملاحقه المسلحين الذين اختطفوا الوناس اقتداء منهم بطريقة سكان عرش آث كوفي ببوغني، الذين حرروا مؤخرا عمي “علي” الذي تجاوز عتبة الثمانين من عمره بعد أن قضى تقريبا شهرا في الجبل. ونحن نودع الحضور ومظاهر التضامن والاشتياق إلى الوناس بادية عليهم، أكدوا لنا “اتعلمون أننا رفعنا التحدي، ولا يهدأ بالنا حتى تحرير ابننا الوناس، إلا أننا متخوفون من أن تنفجر القنابل المزروعة بالمرتفعات الجبلية لقرية تالة تقانة”، وهو السؤال الذي يحاولون طرحه، متسائلين عن غياب مصالح الأمن المشتركة بهذه القرية المعزولة أمنيا، كما طرحوا تساؤلان كثيرة عن سر غياب محققين لشرطة بالمنطقة التي تطل سفوحها على مرتفعات إيعكوران، إلى جانب الكلاب المدربة التي أصبحت ضرورة حتمية في محاربة الإجرام بمختلف أشكاله، مثلما فعلت قوات الأمن بولاية بومرداس مؤخرا عندما حررت أحد المواطنين من قبضة المسلحين. وغادرنا قرية تالة تقانة مساء، وهي غارقة في صمت دامس لحد يخيل إليك أن أهلها قد هجروها بلا رجعة، وكم كان مشهد المرأة التي تبكي من أعلى الشرفة محزنا، لتبين أن الوناس محبوب لدى الجميع، فهذا إحساس شخص عادي، فماذا عن والدة الوناس، وكيف استقبلت خبر اختطاف ابنها، أكيد أنه خبر وقع كالصاعقة عليها وعلى أقاربه وأصدقائه، الذين حضروا بقوة لمواساة عائلة الوناس، الذين امتنعوا عن الأكل والشرب إلى غاية عودة ابنهم الوناس.