قيل مرة لمزيد المدني - وهو واحد من ظرفاء العرب -: ”صوم يوم عرفة يعدل صوم سنة بكاملها”. فصام (مزيد) إلى الظهر ثم أفطر, وقال: ”يكفيني ستة أشهر يدخل فيها شهر رمضان”. كان من عادة عمر بن عبد العزيز, وهو والي المدينة, أن يصلي في رمضان الصلوات الخمس كلها في مسجد رسول الله.. وبينما هو يصلي العصر رأى أعرابيًّا يأكل بجانب قبر الرسول, فدنا منه فقال له: أمريض أنت؟! قال: لا. قال: أعلى سفر؟ قال: لا. قال: فما لك مفطر والناس صائمون؟! قال الأعرابي: إنكم تجدون الطعام فتصومون, وأنا إن وجدته لا أدعه يفلت مني. ثم أنشد: ماذا تقول لبائس متوحد كالوعل في شعب الجبال يقيم يصطاد أفراخ القطا لطعامه وبنوه أنضاء الهموم جثوم والقوم صاموا الشهر عند حلوله لكنه طول الحياة يصوم كان المأمون يسهر في رمضان مع بعض أخصائه, ومعهم القاضي يحيى بن أكثم, فدخل عليهم رجل يزعم أنه النبي إبراهيم الخليل. قال له المأمون: كانت لإبراهيم معجزات هي أن النار تكون عليه بردًا وسلامًا, وسنلقيك في النار, فإن لم تمسّك آمنا بك. قال الرجل: بل أريد معجزة أخرى. فقال المأمون: فمعجزة موسى بأن تلقي عصاك فتصير ثعبانًا, وتضرب بها البحر فينشق, وتضع يدك في جيبك فتخرج بيضاء من غير سوء. قال الرجل: وهذه أثقل من الأولى, أريد أخرى أخف. فقال المأمون: فمعجزة عيسى وهي إحياء الموتى. قال الرجل: مكانك, إني أقبلُ هذه المعجزة, وسأضرب الآن رأس القاضي يحيى ثم أحييه لكم الساعة. فهبَّ القاضي يحيى قائلاً: ”أنا أول من آمن بك وصدق”. فضحك المأمون, وأمر له بجائزة وصرفه.