لم تحُل الغربة بين الجزائري وعاداته التي حملها معه إلى الغربة الكبرى هناك في المجتمعات التي بينها وبين المجتمعات الأخرى بونا واسعا في العادات والتقاليد وأشياء كثيرة. فهناك بعيدا عن الأوطان، وتعزيزا لأواصر المحبة بين أفراد الجالية الجزائرية خاصة والمسلمة بوجه عام، تمتد يد العطف ما بين المقيمين في ديار الغربة خصوصا في شهر رمضان الكريم لتصنع منه جسرا متينا من التواصل والاندماج الإيماني بين الأفراد والعائلات التي تتبادل الزيارات بين بعضها البعض، فتصنع من المشهد بهجة وابتهاجا يعيد أجواء رمضان التي خلفوها وراءهم هنا في الجزائر إلى قمة عطائها هناك. في هذا السياق، وحسب ما جاء في موقع الإذاعة الوطنية فإن المشهد الرمضاني يصنع في عاصمة الضباب البارد لندن أحيانا والماطرة أحيانا أخرى، فيضا من الدفء تنشطه حركة الشباب الذين يقصد غالبيتهم المساجد بعد الإفطار لأداء صلاتي العشاء والتراويح في مساجد لندن البالغ تعدادها زهاء 1700، والمركز الثقافي الإسلامي الواقع وسط العاصمة. كما تشكّل موائد الإفطار الجامعي نوعا من التعويض عن افتقاد الأهل والأحباب هناك في ديار الغربة، فيتواجدون جماعات جماعات أثناء الإفطار وبعد الإفطار، حيث يتوجه ممن لا يلتحق بالمساجد إلى المقاهي الواقعة في الشطر الشمالي من لندن لصنع الدعابة والحدث والنكتة والذكرى. حال الجزائريين في لندن لا يمكن أن يكون حال الجزائريين في البقاع العربية، أو البقاع المسلمة حيث لا يشعر الجزائري بوجود شيء من التمايز بينه وبين المقيمين في البلاد التي هو مغترب فيها، سواء كان على مستوى النشاطات المسجدية، أو على مستوى الأكلات التي يتناولها الصائمون، غير أن التمييز الوحيد يكمن في الأكلات الشعبية التي تسهر كل جالية على حدة على تحضيرها خلال الشهر الكريم، وتزيين موائد الإفطار بها بالشكل الذي يمكن أن يمدها بفضاء وحالة تعيد الصائم إلى وطنه الذي خلفه وراءه.