عقارب الساعة تشير إلى الخامسة ونصف مساءً، حركية كبيرة تعرفها طرقات وشوارع مدينة عين مليلة، سواء من طرف المارة والمشاة أو من أصحاب المركبات والسيارات والدرجات النارية. موعد الإفطار بدأ يدنو شيئًا فشيئًا، وفجأة تتحول طرقات المدينة إلى مضامير حقيقية لسباقات السرعة يقول عمي السقني.ك، عن هذه الظاهرة الرمضانية المشينة ”إن اللحظات الأخيرة التي تسبق موعد الإفطار تعتبر من أخطر اللحظات التي تمر على الصائم في شهر رمضان، خاصة عند قيادته للسيارة، فعادة ما يتسابق الصائمون ويتسارعون بشكل كبير لشراء بعض الحاجيات والعودة إلى ديارهم قبل آذان المغرب، وهو ما يتسبب في حوادث مرور أليمة ومأساوية، وكل هذا يحدث بسبب التهور واللهفة غير المفهومة أو المبررة. وأنا شخصيًا كنت شاهد عيان خلال رمضان الحالي على عدة حوادث مرور أفضت إلى وفاة شخصين وعدد من الجرحى والمصابين وكثيرًا ما اختلطت الدماء بالعصائر ولطخت المواد الغذائية التي اقتناها أصحابها واكتست اللون الأحمر لكن تسرعهم أودى بحياتهم وحياة الآخرين”. موعد مع الإفطار الأخير...! يسعى معظم السائقين للوصول إلى منازلهم في وقت محدد، ويتعمد البعض منهم الوصول إلى منزله قبل موعد الإفطار بلحظات، ويكون هدفهم المنشود هو بلوغ منازلهم أو المكان المحدد بسرعة، حتى لا يفوته أي شيء من الإفطار، معرضين أنفسهم والآخرين إلى الخطر. اشتكى عدد من مواطني عين مليلة ل ”الفجر” من ظاهرة الازدحام حد الاختناق التي تشهدها طرقات وشوارع المدينة قبل الإفطار، مشيرين إلى أن كل السائقين يتسابقون للوصول إلى منازلهم قبل آذان المغرب، وأجمعوا على أن هذه العادة السيئة، قد تنتج عنها حوادث مأساوية نتيجة السرعة، مطالبين من الجهات المعنية بتوعية الناس بمخاطر السرعة والتجاوز. يقول لعويسي.ز ”أعتقد أن هؤلاء الناس الذين يفرطون في استعمال السرعة أثناء قيادتهم لمركباتهم لا يعون ما يفعلون، لأنهم حتمًا إذا نجوا اليوم من الموت المحقق نتيجة التسرع وتحويلهم لطرقات المدينة إلى مضمار لرالي السيارات، فالأكيد لن ينجوا غدًا، وإذا حدث وأن تناولوا طعام الإفطار اليوم فعليهم أن لا ينتظروا إدراكه غدًا. أنا لا أتمنى لهم الموت والهلاك ولكن بحسب المعطيات المتوفرة والمشاهد اليومية التي نراها بعيوننا نتوقع الأسوأ وربي يستر جميع المؤمنين”. أما الصادق.ل، فقد ناشد السائقين الصائمين بالتحكم وضبط أعصابهم وعدم التهور خلال شهر رمضان، مشيرًا إلى أن قيادة المركبات وحتى الدرجات النارية بسرعة ظاهرة مستفحلة بكثرة خلال شهر الصيام. وهي ظاهرة تزداد حدة وتفاقمًا قبل موعد الإفطار بلحظات، حيث يحاول الناس الالتحاق بديارهم قبل آذان المغرب. ويقول الحاج حمودي.ح، الذي وجدناه متجهًا صوب المسجد لأداء صلاة المغرب بنرفزة كبيرة ”لست أفهم لِمَ هذه السرعة الكبيرة، هل هؤلاء السائقين الصائمين يرغبون في الوصول إلى منازلهم قبل حلول موعد الإفطار، ألا يعلمون أنهم بإفراطهم في السرعة ستجلب عليهم نتائج وخيمة وغير محمودة العواقب وأنهم قد لا يصلون أبدًا إلى منازلهم أحياء يرزقون؟! على الجميع التعقل والقيادة برزانة وتؤدة، والمهم والأفضل هو الوصول سالمين عوض عدم الوصول نهائيًا”. النفير النفير، لقد حان موعد الإفطار الكثير من هؤلاء المتهورين تسببوا في تحويل أيام وليالي رمضان المباركة لعائلاتهم وعائلات الآخرين إلى مجالس عزاء ومآتم وأحزان، وكل ذلك بسبب إفراطهم في السرعة والتجاوز، يقول (عبد العالي.ق)، وهو إمام بإحدى مساجد عين مليلة، عن هذه الظاهرة الرمضانية الخالصة: ”قبل لحظات قليلة من موعد آذان المغرب والإفطار، تلاحظهم وكأنه يوم البعث العظيم فالجميع يهرولون في كل الاتجاهات سواء المشاة أو أصحاب المركبات، حتى تخال شوارع وطرقات المدينة تكاد تختنق. إنها ظاهرة من الظواهر والمشاهد الرمضانية السلبية والتي ليس لها أي علاقة بفريضة الصيام، وأنصح هؤلاء الصائمين بالإفطار فذلك أفضل لهم والله في غنى شديد عن صومهم الغريب والذين يعود عليهم بالمشاكل والتسبب في حوادث مميتة، فمن الأفضل التحلي بالهدوء والرزانة وعوض الهرولة نحو المنازل لتناول طعام الإفطار، على هؤلاء المتهورين الاتجاه صوب المساجد والجوامع لأداء صلاة المغرب في موعدها ونيل الثواب العظيم”. أما (الهامل.ش)، إمام بمسجد التوبة بعين مليلة، فيقول ”أنا أستغرب من هذه التصرفات الطائشة التي تعتبر إيذاء للمسلمين، خصوصًا ونحن في رحاب هذا الشهر الفضيل الذي فضّله الله عن ألف شهر”. أغلب حوادث مرور رمضان تكون قبيل موعد الإفطار بلحظات وحسب دراسات رسمية محلية تناولت حوادث المرور خلال شعر رمضان، فإن أغلب الحوادث تقع في هذا الشهر الفضيل تكون قبل موعد آذان المغرب بحوالي ساعتين أو أقل، بالإضافة إلى تزايد عدد المشاجرات بين الناس لأتفه الأسباب وحتى دون أسباب، وذلك بفعل تأثير الصوم بسبب العطش والجوع، إلى جانب تأثير النيكوتين في الدم عند بعض المدخنين. وحسب مصدر محلي مسؤول بمصلحة الحماية المدنية لعين مليلة ل ”الفجر”، فإنه تم تسجيل منذ بداية شهر رمضان وحتى نهاية الأسبوع الثالث منه حوالي 20 حادث مرور أودى بحياة 4 أشخاص من أعمار مختلفة وإصابة 28 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، موضحًا أن معظم هذه الحوادث الأليمة حدثت قبل موعد الإفطار بدقائق معدودة. وعزا ذات المصدر أسباب هذه الحوادث إلى الحالة النفسية والتوتر الذي يصيب بعض الصائمين وخصوصًا السائقين منهم، إلى جانب أن التهافت الكبير والإقبال المكثف للمواطنين على الأسواق لغرض التسوق وشراء واقتناء حاجياتهم قبل آذان المغرب قصد اللحاق بموعد الإفطار، يساهم في ازدحام خانق في الشوارع والطرقات والأسواق.