غداً تمر تسعة أعوام على أحداث 11 سبتمبر التي غيرت مجرى التاريخ، وعلى الرغم من كل ما قيل وكتب عنها، فإن الحقيقة فيها ولا تزال غائبة، وبمرور الوقت تزداد الشكوك لدى الكثيرين في العالم حول حقيقة هذه الأحداث ومَن وراءها، وكثرت المطالبات بإجراء تحقيقات، وكان السناتور الديمقراطي الأمريكي إدوارد كنيدي المتوفى العام الماضي من أكبر المتشككين في هذه الأحداث، وطالب أكثر من مرة بتحقيقات مفتوحة حولها، ولكن دون جدوى. ومما زاد الشكوك حول هذه الأحداث أن الحملة الأمريكية على ما يسمى "الإرهاب" التي انطلقت بعدها بهدف الانتقام من مرتكبيها، أخذت منحى آخر تماماً بعيداً عن هذا الهدف، وتحولت إلى حرب على العراق الذي لم يكن له أية صلة بهذه الأحداث. كما لم تأت الحرب في أفغانستان بأية نتيجة سوى عودة حركة "طالبان" هناك أقوى بكثير مما كانت، حتى إن جيوش الدول الكبرى وحلف الناتو لا تستطيع القضاء عليها أو حتى الاستمرار في الحرب معها، وأصبح مطلب الحوار مع "طالبان" هو السائد في معظم الدوائر السياسية في الغرب وواشنطن. ولا يزال السؤال حول ضلوع تنظيم "القاعدة" بقيادة ابن لادن في هذه الأحداث محل جدل كبير في العالم كله، هذا السؤال الذي شكك فيه الكثيرون منذ البداية، بما فيهم دول كبيرة لم تقتنع بأن هذا التنظيم بإمكانياته المتواضعة يستطيع القيام بهذا العمل الكبير الذي لا تستطيع دول كبيرة القيام به، ولم يفلح الترويج الإعلامي ل "نظرية المؤامرة" في وضع حد لهذه الشكوك، وخرجت العديد من الكتب والآراء التي تستبعد تماماً ضلوع القاعدة وابن لادن بهذه العملية. ووصل الأمر إلى درجة التشكيك في وجود تنظيم القاعدة من أساسه، وتناول الكثيرون علاقات ابن لادن ورفاقه الوطيدة بالمخابرات الأمريكية قبل وقوع هذه الأحداث، هذه العلاقات التي لم تنكرها واشنطن، فقط قيل إنه وقعت خلافات بينهما أدت إلى انقلاب ابن لادن ورفاقه على الولاياتالمتحدة، لكن أحداً لم يذكر أي سبب لهذه الخلافات. من داخل فرنسا خرجت أكثر من محاولة تشكيك في هذه الأحداث، منها كتاب "الخدعة الكبرى" للكاتب "تيري ميسان"، والذي أكد فيه أن مبنى البنتاجون في واشنطن لم يتعرض لهجوم بطائرة كما قيل، وأشار المؤلف إلى وجود جهات في الولاياتالمتحدة وراء أحداث سبتمبر، كما تم عزل ضابط وأكاديمي كبير في البحرية الفرنسية بسبب تشكيكه في ضلوع تنظيم القاعدة في هذه الأحداث، وتوالت التشكيكات بكثرة، وخاصة داخل الولاياتالمتحدة. ومنها ضابط سابق في سلاح الطيران الأمريكي أكد عدم إمكانية حدوث هذه الانفجارات الهائلة في برجي نيويورك وانهيارهما بسبب اصطدام الطائرتين بهما، وطرح هذا الضابط الأمريكي تساؤلاً منطقياً إلى حد كبير، حيث قال: "إذا كان المسلمون العرب هم من فعلوا هذا فلماذا لا يفعلون مثله ضد عدوهم المباشر إسرائيل التي يمر في سمائها بشكل يومي مئات الطائرات القادمة من الشرق إلى الغرب وبالعكس؟، علماً بأن جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين والعرب زادت حدتها وبشاعتها بعد أحداث 11 سبتمبر بشكل ملحوظ، لكن تنظيم القاعدة المزعوم ينشط في كل مكان ما عدا إسرائيل. لم يفلح الترويج لمقولة "نظرية المؤامرة" في الحد من انتشار الشكوك، وإذا كانت الجهات التي دبرت اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كنيدي قد نجحت في إخفاء وطمس معالم هذه الجريمة طيلة هذه العقود الطويلة، فإن الأمر الآن يختلف تماماً في عالم أصبح من الصعب، بل من المستحيل، إخفاء أي شيء فيه، خاصة مثل هذه الأحداث الكبيرة، ولا شك في أن كثيراً من الدول صاحبة أجهزة الاستخبارات العريقة تعرف الحقيقة جيداً، ولكن مكانة الولاياتالمتحدة ونفوذها العالمي لا يسمحان بالمواجهة بالحقيقة الآن، لكن آجلاً أو عاجلاً ستظهر الحقيقة. بقلم: د. مغازي البدراوي