بات الوعي الديني عند الكثير منا مقترنا بما يتلقاه من الوسائط الإعلامية المختلفة التي مهما قيل عن اختزالها للعلاقات الإنسانية، إلا أنها سمحت من جهة أخرى بنشر ثقافة جديدة تتعلق بمنح الفرد فرصة أكبر للتعرف على دينه، وبعيدا عن هواجس الاختلافات المذهبية والطائفية التي تُطل علينا بها بعض الفضائيات الدينية إلا أن هناك منها ما سمح للفرد بتلقي كم هائل من المعلومات التي كان يفتقر إليها، كما أنها أعطت الفرصة لشيوخ ودعاة لم نكن نسمع بهم من قبل، للانتشار في أوساط المجتمع. وفي المقابل، برزت ظاهرة الرسائل والإيميالات لأحاديث نبوية غالبا ما تكون كاذبة يدعو أصحابها لتعميمها لربح الحسنات. تفاعل الجزائريين لم يقتصر على مشاهدة ما يبث على القنوات الفضائية بل امتد إلى ما يصلهم من رسائل تحوي أحاديث دينية منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم في البريد الإلكتروني لكل واحد منهم ولمن يمتلكه طبعا، خاصة إذا علمنا أن ما يزيد عن 4 ملايين جزائري يملكون خيوط الشبكة العنكبوتية في منازلهم حسب آخر الإحصاءات، أي ما يزيد عن 13 بالمئة من تعداد سكان الجزائر، وهو ما يعني أن حلقة تلك الرسائل تسير بشكل مستمر بالنظر إلى تدفقها الدوري، والتي تنتهي غالبيتها بكلمات متشابهات تحثّ المتلقي على إعادة إرسالها عشر مرات أو إلى جميع المعارف، لتكون فرصة لربح مليون حسنة أو ما يزيد، وقد تنتهي بقول مريب أن الملائكة لن تنتهي من عدّ الحسنات التي يتحصل عليها الفرد في حال أعاد إرسال ما وصله من إيمايل ديني. غير أن التدقيق في تلك الأحاديث الدينية الواردة على لسان نبينا عليه الصلاة والسلام أو تلك المسندة إلى ”قال أحد من السلف الصالح..” دون إعطاء اسم لهذا الصالح صاحب الرواية التي يروّج لها، يعني الوقوف على أحاديث لا أساس لها من الصحة ومكذوبة تماما، وهو ما أكّده لنا محمد صاحب مقهى أنترنت بالبليدة، والذي ذهب في روايته ليؤكد حجم تلك الأحاديث الكاذبة التي صنعت الحدث في محله على غرار الكثير من مقاهي الأنترنت ”كاد الأمر ليمر مرور الكرام في بداية انتشار تلك الأحاديث التي أخذت طابع ربح الحسنات ونشر الوعي الديني، إلا أن باطنها كان نشر معتقدات خاطئة، والفضل لله أولا في إماطة اللثام عنها وإلى بعض من الإخوة الذين تفطّنوا إلى أن تلك الرسائل التي كانت تحمل في باطنها معتقدات مشوهة عن الإسلام، ولعل أبرزها حديث طويل عن لقاء إبليس اللعين بالرسول عليه الصلاة والسلام، والذي تم تداوله بكثرة في فترة ما، قبل أن يتبيّن الغي الذي يحمله حديث إبليس.. العجوز الأعور ذو السبع شعرات في لحيته وهو يستأذن الدخول على النبي ويخبره بأنه يصاب بالحمى لصلاة أمته ويقول إنه جاء بأمر من الله ليخبر عن حقيقته....حديث مكذوب ...كغيره من أحاديث كثيرة..باتت تلفق تحت كلمة...”قال رسول الله”...أو ”جاء عن السلف الصالح”.... وإذا ما كان صاحب هذا المحل قد اهتدى إلى فكرة وضع ملصقة منبهة في مكتبه إلى أن ليس كل الأحاديث الممررة بهاته الطريقة هي أحاديث صحيحة، فإن الكثيرين ما زالوا يجهلون كنه تلك الرسائل، ولعل حديث لقاء إبليس برسول الله عليه وسلم وعرضه التوبة عليه مجرد قطرة من فيض مما تم تلفيقه على نبي الرحمة وحتى في الأدعية المذكورة على لسانه والتي لم تخلُ من الأكاذيب، ما جعل العديد من المواقع الإلكترونية تنبّه للأمر برصد الأحاديث المغلوطة لتعميم المنفعة وللحد من انتشارها وحتى لا يقع المرء تحت طائلة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.