رجح الخبير الفرنسي ومدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، فيليب هوغون، أن يلجأ تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى مطالبة فرنسا بالإفراج عن ثلاثة أمراء سابقين من الجماعة الإسلامية المسلحة معتقلين حاليا بفرنسا نظير تحرير رهائنها المختطفين منذ سبتمبر المنصرم، معتبرا أن حل قضية الرهائن الفرنسيين لم يتضح بعد حتى وإن كانت باريس ترى في الشريط المصور لتنظيم القاعدة إشارة إيجابية، زيادة على تعيين قائد سابق للمتمردين الطوراق، إياد أغ غالي، وسيطا لحل القضية. وقال فيليب هوغون، في نص التحليل الذي نشر على الموقع الإلكتروني للمعهد أمس، إن الأمر المؤكد أن فرنسا لن تلجأ في سعيها لحل قضية الرهائن المختطفين منذ قرابة الثلاثة أسابيع إلى شن هجوم عسكري في شمال مالي لتحريرهم حتى وإن اعتمدت خطابا صارما في بداية الأمر وقامت بإنزال عسكري في النيجر بنيامي تحديدا قبل أن تسرب معلومات حول تواجدهم في منطقة “تيميترين” الحدودية بين مالي والجزائر. وأضاف هوغون أن العمليات العسكرية من شأنها أن تساعد على تحرير الرهائن ولكنها بالمقابل تساعد على انفجار العنف، مؤكدا على أهمية جهاز المخابرات في القضية من خلال المراقبة الأمريكية الفرنسية والمراقبة التي تقوم بها أجهزة المخابرات لدول الساحل. ويرى فيليب هوغون أن فرنسا تبقى في حاجة لمساعدة وتعاون دول الساحل الإفريقي لتسهيل تحرير الرهائن. وحسب تحليلات فيليب هوغون فإن الفدية التي سيطالب بها التنظيم قد لا تقل عن 20 مليون دولار، وذلك بالعودة إلى سلسلة الاختطافات المرتكبة من طرف التنظيم المسلح في الساحل في السنوات الأخيرة والبالغ عددها 20 حالة انتهت 18 منها بالإفراج عن الرهائن بعدما أصبحت سياسة التفاوض مع الإرهابيين شائعة وممارسة من طرف العديد من الدول في صفقات لا تقل فيها قيمة الرهينة الواحدة عن الخمسة ملايين دولار، أي أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لن يطالب بأقل من عشرين مليون دولار تمكنه من العيش طويلا وتقويه ضد حكومات دول الساحل في المقام الأول قبل الدول الغربية. من جهة أخرى، اعتبر مدير الأبحاث بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي نجح في معركته إعلاميا وحقق بعضا مما يصبو إليه بزرع الخوف في إفريقيا وأوروبا في وقت هناك ثغرة لدى دول الغرب في مواجهة الإرهاب، مضيفا أن الأولوية هي التعامل مع الرأي العام وإنقاذ حياة الرهائن. ومثلما عهد في قضايا الرهائن، قال هوغون إن الحل الفوري لتحرير المختطفين دبلوماسي يمر عبر مفاوضات غير رسمية تنتهي بدفع فدية والإفراج عن سجناء أو حتى مطالب أخرى جيوسياسية تبقى طي الكتمان. ولكن الحلول لمواجهة القاعدة على المدى الطويل تشمل حسب ذات المصدر حلول عسكرية وسياسية تتعلق بفرنسا والدول التي تعاني من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتتمثل في محاولة إدماج العناصر الأقل تطرفا في اللعبة السياسية، مثلما فعلته مالي مع المتمردين، بالإضافة إلى مراقبة فروع الشبكات الإجرامية التي تتاجر في المخدرات والأسلحة، أما فرنسا فعليها عدم وسم الجماعات الخارجة عن “الجهاد والتطرف” وتفادي المسائل الدينية والعرقية مع التركيز في الخطاب السياسي على خطورة الإرهاب والتأكيد على اليقظة والابتعاد عن التلاعب لأغراض سياسية. من جهة أخرى، أكدت مصادر لوكالة الأنباء الفرنسية أن الرئاسة الفرنسية تتكفل بإدارة ملف الرهائن المختطفين في شمال مالي بمشاركة الأمين العام، كلود غيان، والمنسق الوطني للمخابرات، برنار باجولي، بالإضافة إلى قائد الأركان الجنرال بونوا بوغا، وكذا شبكة الدبلوماسية الفرنسية والمديرية العامة للأمن الخارجي وتتكفل هذه الجهات بنقل كل التفاصيل والمستجدات للإليزيه، وتؤكد هذه التصريحات حقيقة استبعاد وزير الخارجية، برنار كوشنير، عن قضية الرهائن وصدق المعلومات التي نشرتها قناة “أر تي أل” مؤخرا والمتعلقة بتهميش كوشنير والتقليص من صلاحياته، ربما تحضيرا لإخراجه من الحكومة الفرنسية.