رجح السفير الفرنسي السابق في السينغال، جون كريستوف روفين، أن تكون بلاده قد انطلقت في مفاوضاتها مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من أجل تحرير الرهائن المختطفين في النيجر، وقال روفين “سيكون من المستغرب أن تكون المفاوضات غير مفتوحة حتى من طرف شركة اريفا” وتزيد تصريحات الدبلوماسي الفرنسي من القناعة بأن باريس تتفاوض حاليا مع الإرهابيين وتتكتم على الأمر تفاديا لتأزم الوضع وإثارة التشويش، محذرا بلاده من تقديم تنازلات كبيرة للإرهابيين والسقوط في فخ القاعدة. عاد السفير الفرنسي السابق، في حوار مع صحيفة “لوموند”، إلى الحديث عن الشكوك الكثيرة التي تكتنف وفاة الرهينة، ميشال جيرمانو، بالقول إن الرد على الجماعات الإرهابية لابد أن لا يكون على المدى القصير بالخضوع لطلباتهم، لأن هذه الوسيلة قد ساعدت على تقويتهم ووفرت لهم أموالا طائلة في السنوات الأخيرة. وحذر المصدر باريس من تقديم تنازلات كبيرة جدا للإرهابيين والسقوط في فخ القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. واعتبر جون كريستوف روفين أن عملية الاختطاف الأخيرة لعمال فرنسيين من شركة “اريفا” النووية تختلف كثيرا عن قضية جيرمانو، وهو ما يدفع بالحكومة الفرنسية إلى التحرك على جبهتين، الأولى المتعلقة باستنفار كل الأجهزة والثانية بنشر إمكانات مخابراتية وعسكرية في سياق التحضير لعمل القوات، معتبرا أنه من المستغرب جدا أن لا تكون باريس قد فتحت المفاوضات مع الإرهابيين. من جهة أخرى، صنف جون كريستوف روفين إنشاء خلية استخباراتية لدول الساحل على “أنها محاولة من هذه الدول، التي لا تتوفر على إمكانات لتنظيم نفسها، تستحق التشجيع لأن المسائل الخطيرة المتعلقة بالأمن لا تؤدي إلى محو دائم لسيادة هذه الدول”، حسبه، مؤكدا “أن دول الساحل عليها أن تتحرك ولا يمكن لفرنسا أن يكون لها عمل إلا دعم المبادرة الداخلية”. وفي ذات السياق اعتبر روفين أن الجزائر هي الدولة الأفضل تسلحا لمواجهة تهديد القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وبذل جهد أكبر لمحاولة تجسيد تعاون إقليمي، وأضاف أن الاختلاف بين دول المنطقة يجعل من هذه الجهود أقل فعالية. وشدد المتحدث على أن لا تتحرك فرنسا بمفردها في المنطقة تفاديا لخلق أزمة خطيرة مع الجزائر بسبب معارضة هذه الأخيرة لأي تدخل أجنبي، وأكد أن فرنسا لن تتحرك في منطقة الساحل دون شركاء محليين ودعم من موريتانيا والنيجر أو بوركينافاسو وبموافقة من مالي. وتوقع المتحدث في حال تحرك باريس عسكريا تضاعف الحديث عن خطورة القيام بعمليات إرهابية على الأراضي الفرنسية. وخلص الدبلوماسي في حديثه عن الجزائر إلى القول إن الجزائر تمتلك مفاتيح عديدة في منطقة الساحل، وهي في وضع أفضل لمواجهة تحركات الإرهابيين، كما أن التدخل العسكري حتى ولو كان سريعا فإنه سيجر إلى مقتل الرهائن. ولفت روفين إلى ضعف الإرهابيين في التحرك في منطقة شاسعة، الذي يستحيل معه عدم التمكن من تحديد موقعهم. وعن الشريط المصور الذي بثه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قال جون كريستوف روفين إن طول الانتظار الذي سبق بث الشريط يؤكد أن الإرهابيين تفادوا استعمال التكنولوجيات الحديثة للإفلات من مراقبة الأقمار الصناعية، وفضلت الطرق التقليدية باللجوء إلى رسول لتبليغ رسالتها إلى السلطات الفرنسية، معتبرا أن حل هذا النوع من الأزمات -الرهائن - ليس للدبلوماسيين ولكن للمخابرات. واعتبر روفين أن ليبيا ليست معنية لحد الآن بالمشكل، وهو ما يبين عدم إشراكها في قيادة الأركان المشتركة لدول الساحل، مستبعدا أن يدعم القائد معمر القذافي تهديد الإرهابيين الذي من الممكن أن يتحول ضده ويستهدف بلاده. نسيمة عجاج ماتيو غيدار يؤكد قدرة الجزائر على قيادة الحرب ضد الإرهاب في الساحل شريط تنظيم دروكدال يضع باريس في موقف أضعف والعلاقة بين الجزائروفرنسا يصعب من حل قضية الرهائن وجود القاعدة جنوب الصحراء أبعد ليبيا والمغرب من المعادلة الأمنية اعتبر الخبير الفرنسي في قضايا الإرهاب، ماثيو غيدار، الأستاذ والباحث في الشؤون الإستراتيجية بجامعة جنيف، أن استبعاد المغرب وليبيا عن الاجتماعات التنسيقية لأجهزة الأمن والمخابرات في دول الساحل مرده وجود عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في جنوب الصحراء وليس في شمال إفريقيا. وقال إن التعامل مع أزمة الرهائن الحالية “صعب ومعقد جدا” بسبب مصالح واستراتيجيات متضاربة في منطقة الصحراء الكبرى، صعوبة إدارة فرنسا لعلاقاتها مع الجزائر، كبرى دول المنطقة. قال الخبير الفرنسي إن التعاون بين دول المنطقة المغاربية في مكافحة الإرهاب مهم، ولكن قيامه لن يحل المشكلة القائمة في مواجهة القاعدة بدول الساحل وجنوب الصحراء بسبب تمركز العناصر الإرهابية في الصحراء. وفي السياق، اعتبر ماتيو غيدار، في حواره لوكالة “دوتشيه فيله” الألمانية، أن الجزائر موضوعيا هي المؤهل أكثر لقيادة الحرب ضد هذه الجماعات بفضل توفرها على أكبر إمكانيات وجيش مدرب ومجهز، بالإضافة إلى تجربتها الكبرى في مواجهة الجماعات المسلحة، وهو ما يفسر سعي الجزائر إلى قيادة جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي. وصنف غيدار اختلاف المفاهيم حول الارهاب وسبل مكافحته وكذا تضارب المصالح في الساحل في خانة العراقيل التي تجعل من التفاوض في مسألة الرهائن الفرنسيين حاليا صعب ومعقد جدا، مشيرا إلى موقف مالي، التي تعتبر أن الإرهاب قادم من الجزائر وموريتانيا، حيث تخوض الجزائر حربا شرسة ضده، والتي تريد خوض حرب للقضاء على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بشكل تام، ولكنه لم ينكر قدرتها وإمكاناتها المادية وتجربتها على قيادة هذه الحرب. وبالمقابل، انتقد ماتيو غيدار تمسك الجزائر بانتقاد دول تلجأ إلى دفع الفدية لتحرير رعاياها من قبضة المسلحين دون تقديم إستراتيجية بديلة أو قوة اقتراحية حول موقف قد يتفق عليه الجميع والمتعلق برفض فكرة تمويل الإرهاب. وأضاف الخبير الفرنسي في حواره أمس أن بلاده تجد صعوبة كبيرة في إدارة قضية الرهائن المختطفين في الساحل، خاصة ما تعلق بصعوبة إدارة فرنسا لعلاقاتها مع الجزائر لاعتبارات سياسية وتاريخية بخلاف الدول الإفريقية الأخرى التي تربطها بفرنسا علاقة تعاون استراتيجي أمني من شأنه تسهيل الأمور عليها. من جهة أخرى، وفي تحليله لشريط المختطفين السبعة الذي بثته قناة “الجزيرة” عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أكد ماتيو غيدا أن صور الطبيعة التي صور فيها المختطفون تبين أنهم غير متواجدين لا في النيجر ولا في جنوبالجزائر ولا في موريتانيا ولكن تؤكد تواجدهم في شمال مالي، وأضاف في تصريحات لقناة “فرانس 24”، أن التفاصيل التي بينت في شريط التنظيم من شأنها تحديد موقع الرهائن بشكل دقيق، كما أن السيارات والأسلحة التي تظهر في الشريط المصور والتي استحوذت عليها في العملية العسكرية التي قادها الجيش الموريتاني ضدها يومين فقط بعد عملية الاختطاف تشكل رسالة من التنظيم الإرهابي إلى السلطات الفرنسية مفادها جاهزية الجماعات المسلحة للحرب وتحملها لعملية الاختطاف التي قادها عبد الحميد أبو زيد. ورجح المصدر أن لا يغامر التنظيم الإرهابي بنقل المختطفين جماعيا تفاديا لمحاولات هروب وغيرها من عمليات التشويش. وفسر ماتيو غيدار عدم توجيه الإرهابيين أسلحتهم نحو المختطفين وتوجيهها إلى الأرض دليل على “حسن النية” من التنظيم واستعداده للتفاوض مع السلطات الفرنسية، ويؤكد ذلك حديث مستجوب الرهائن بالفرنسية . وأضاف أن الإرهابيين الذين ظهروا في الشريط ومن خلال لباسهم يتبين أنهم موريتانيون ومن التوارڤ.