تعاني عدة بلديات بولاية الجزائر من نقص فادح في الأسواق البلدية بسبب ضعف ميزانياتها، كما هو الحال بالنسبة لبلدية باش جراح، أو هاجس العقار الذي تتخبط فيه بلديتا الدرارية والعاشور فيما لا تتوفر بلديات أخرى حتى على سوق جواري، ما جعل الباعة الفوضويين يحتكرون النشاط التجاري لسنوات طوال، وهو ما أجبر المواطن على تحمل تبعية ما يجلبه هؤلاء كونهم لا يملكون خيارا آخر. كما أن عمليات الترحيل الكبيرة التي باشرتها المصالح الولائية صبت في معظمها في بلديتي بئرتوتة وبئرخادم، والأسواق الموجودة بها تبقى غير كافية قياسا بحجم سكانها، ما يستدعي ضرورة إنجاز أسواق جديدة لسد حاجيات السكان المتزايدة. ارتأينا التطرق إلى الموضوع بالتفصيل كونه من أهم الأولويات التي يطالب بها المواطنون مهما كانت البلدية التي ينتمون إليها. كانت بدايتنا من بلدية بئرتوتة على اعتبار أنها البلدية التي احتضنت أكبر مشاريع السكنات الإجتماعية، والتي أنجزت خصيصا لعشرات العائلات التي كانت تقطن بالأحياء الفوضوية التي استفادت منها بعد إجراء الإحصاء الذي شملها سنة 2007. مئات العائلات ترحل إلى بئرتوتة دون أن تتوفر على أسواق لا تتوفر بلدية بئرتوتة إلا على سوق واحدة لم تكن تسد حاجيات السكان حتى قبل الشروع في عملية الترحيل، فما بالك بعد توافد المئات من العائلات من عدة أحياء سكنية، ما اضطر سكان المدينة إلى التوجه نحو أسواق بوفاريك والدويرة، وحتى بئر خادم وعين النعجة لاقتناء حاجياتهم. ورغم أن السوق أصبح يتوسط التوسع العمراني للبلدية إلا أنه غبر مهيأ بشكل مدروس يستغل المساحة بطريقة جيدة، كأن ينجز سوق بطوابق، ويتم توزيع مختلف الخدمات والنشاطات التجارية. والإشكالية التي يعاني منها كل سكان البلدية، طرحناها على رئيس البلدية، رابح جرود، الذي أكد أن السلطات الولائية خططت لحل المشكل قبل الشروع في عملية الترحيل، فلا يعقل ترحيل هذا الكم الهائل من السكان دون الأخذ بعين الإعتبار معظم المنشآت القاعدية التي يحتاج إليها المواطن، على غرار المدارس، الأسواق، المنشآت الصحية والمحلات التجارية. وفي نفس الصدد، ذكر رئيس البلدية أن مصالحه بصدد انتظار الغلاف المالي المخصص للشروع في إنجاز سوق جواري إضافي، مضيفا أنه سبق لمصالح بلديته أن برمجت إنجاز سوق مغطى خصص له غلاف مالي يقدر ب 11 مليار سنتيم. واستنادا إلى محدثنا فإن السوق يضم 120 محل تجاري جديد، حيث سيتم عرض المشروع مجددا على الهيئة الوصية للبت فيه، مضيفا أنه من المرتقب أن تقوم دواوين الترقية والتسيير العقاري بعرض مزايدات فتح المحلات التجارية الموجودة بالطوابق الأرضية لفائدة العائلات التي رحلت إلى المجمعات الجديدة. بلدية بئرخادم تنتظر الموافقة لتحويل مكان السوق البلدي رحلت عدة عائلات في إطار برنامج إعادة الإسكان الذي باشرته المصالح الولائية، مطلع العام الجاري، إلى بعض الأحياء الواقعة ببلدية بئرخادم. ورغم أن هذه الأخيرة لا تتوفر إلا على سوق بلدي واحد، إلا أنه في تقدير رئيس البلدية يعتبر كافيا في الوقت الحالي، في انتظار الحصول على الموافقة الرسمية من طرف المصالح الولائية لتحويل السوق البلدي الحالي الذي يطل على الطريق السريع، وإنجاز سوق جديد بحظيرة البلدية يحمل المواصفات الضرورية، ويوفر عددا إضافيا من الطاولات، مع العلم أن البلدية أعدت دراسة شاملة حول ذلك.وأضاف محدثنا، في تصريح خاص ل”الفجر”، أنه خلال العهدة الماضية، تم توزيع قرارات استفادة على بعض الشبان لنصب طاولاتهم في سوق تيقصراين، لكنهم رفضوا ذلك، حسبما أشار إليه محدثنا، بحجة أنه من المستحيل أن يعملوا خلال الفترات الصباحية فقط، ما أدى بمصالح البلدية إلى مطالبة الولاية بضرورة موافقتها على إنجاز سوق جواري بدلا من هذا السوق الذي رفضه التجار. 500 بائع فقط يحصلون على طاولات من بين ألف تاجر فوضوي بباش جراح من جهة أخرى، كانت بلدية باش جراح، طيلة عدة سنوات، تعرف انتشارا فاضحا في الأسواق الفوضوية، حيث أحصت مصالحها تواجد 1000 تاجر ينشط عبرها. وبعد التعليمات الصارمة التي أقرها رئيس الجمهورية القاضية بالقضاء على التجارة الموازية، استفاد 500 تاجر من طاولات بالسوق الجواري الذي فتحته البلدية لفائدة التجار الذين توفرت فيهم الشروط الضرورية، بعد أن قامت لجنة مختصة بانتقاء الملفات، حسبما أوضحه نائب بالمجلس الشعبي البلدي لباش جراح. فيما وعدت البلدية، حسبما أكده لنا محدثنا، بإيجاد حل مستقبلي للباعة الفوضويين الذين لم يستفيدوا من طاولات، مشيرا إلى أن ميزانية البلدية بحكم محدوديتها لا تسمح بإنجاز أسواق جديدة في الوقت الحالي. بلديات ذات كثافة سكانية عالية بدون أسواق في الوقت الذي اعتمد سكان عدة بلديات بالعاصمة على التجارة الفوضوية للحصول على مختلف الضروريات التي يحتاجون إليها في حياتهم اليومية، فإن مواطنين يقطنون ببلديات أخرى رغم المشاريع السكنية الضخمة التي أنجزتها الدولة، والتي تخص في معظمها وكالة عدل، يحلمون بتجسيد سوق بلدي فوق تراب بلديتهم، لأن مشكل العقار يظل الهاجس الذي يحول دون ذلك. ورغم أن المواطنين عبر تلك البلديات قد طالبوا مسؤولي بلدياتهم بضرورة توفير سوق، غير أنه لا حياة لمن تنادي، ما يجعل السكان يعانون من التبعية في جلب مستلزماتهم من أسواق بعيدة.