شهدت مدينة بودواو، الواقعة على بعد حوالي 8 كيلومترات جنوب بومرداس، عشية يوم عيد الأضحى المبارك، حركات احتجاجية واسعة على خلفية صدور أحكام تقضي بعقوبات تراوحت مدتها بين عام وستة أشهر حبسا نافذا ضد المتورطين بأعمال الشغب، التي عرفتها منطقة بن مرزوقة ببودواو منتصف شهر أكتوبر المنصرم لمتابعتهم بجنحتي تحطيم مرافق عمومية ومنع السلطات العمومية من تأدية مهامها. مواجهات بين قوات الشرطة والشباب الغاضب أمام مقر المحكمة حافلة لنقل الطلبة تحترق عن آخرها حسبما سجلته “الفجر” التي كانت حاضرة بعين المكان قبيل وبعد جلسة المحاكمة، فقد خضعت محكمة بودواو يوم الاثنين المنصرم لحراسة أمنية مشددة من طرف قوات مكافحة الشغب التابعة لسلك الشرطة عن طريق تطويق المحكمة من كل الجوانب، بعد توافد العشرات من مواطني حي بن مرزوقة، وتجمهروا أمام مقر المحكمة التي كانت مكتظة عن آخرها من أهالي وأقرباء ومقربي المتابعين في القضية، قصد سماع الحكم النهائي بعدما التُمس في حق الخمسة الموقوفين عقوبة ثلاث سنوات حبسا نافذا، فيما طالبت النيابة في حق البقية والبالغ عددهم 23 متهما منهم ثمانية قصر، عقوبة عامين حبسا نافذا لمتابعتهم بجنحة التحريض على أعمال الشغب وتحطيم مرافق عمومية ومنع السلطات العمومية من تأدية مهامها والتسبب في عرقلة حركة المرور. وقد أصدرت محكمة بودواو يوم أمس ما قبل الأول، الاثنين، أحكاما تقضي بالحبس النافذ ما بين عام وستة أشهر ضد بعض المتابعين في القضية فيما استفاد البعض الآخر من البراءة. ومباشرة بعد صدور الأحكام القضائية بدأ لهيب الاحتجاج يشتعل خارج مقر المحكمة، حيث تجمهر العشرات من المواطنين معبرين عن سخطهم من قرار المحكمة قبل أن تتدخل قوات الشرطة لتفريقهم، الأمر الذي زاد من غضب المحتجين، ما أجبر عناصر الشرطة على استعمال الهراوات الخشبية وإطلاق القنابل المسيلة للدموع لطرد المتظاهرين، في جوّ ملؤه الذعر والخوف وسط المواطنين كون المحكمة واقعة بقلب مدينة بودواو ليتوجه المحتجون مباشرة بعد ذلك نحو الطريق السريع بمدخل مدينة بودواو المحاذي لحيهم هروبا من قوات الشرطة التي طردتهم من المدينة، ليقوموا بغلق ثلاث طرق وطنية رقم 5، 29 ورقم 61 بواسطة جذوع الأشجار والأعمدة الفولاذية وإضرام النيران في العجلات المطاطية. كما توافد لمكان الاحتجاج المئات من سكان بن مرزوقة المتعاطفين مع المحبوسين تعبيرا منهم عن تضامنهم مع جيرانهم الموقوفين. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل امتدت موجة الاحتجاج إلى حرق حافلة لنقل الطلبة ولحسن الحظ أن الحافلة كانت خالية من الركاب، حيث تحولت الحافلة إلى رماد وهيكل حديدي خلال لحظات مخلفة غيمة دخان أسود. وحسبما عاشته “الفجر” بقلب الحدث، فقد أعيد إحياء غريزة المظاهرات من جديد، بعد أن سيطر العشرات من الملثمين على الطريق السريع، الأمر الذي تسبب في شلل تام لحركة المرور وعزل العاصمة عن باقي الولاياتالشرقية، كما شهدت مدينة بودواو وكذا المناطق المجاورة لها أزمة سير خانقة لم يشهد لها مثيل، حيث امتدت طوابير السيارات على مسافة العشرات من الكيلومترات على مستوى المداخل الرئيسية والفرعية لمدينة بودواو، وكذا باقي المدن المجاورة لها كالرغاية، بودواو البحري، قورصو، بومرداس وتيجلابين، ووجد سكان المنطقة أنفسهم مجبرين على السير مشيا على الأقدام لمسافة زادت عن العشرين كيلومتر بسبب انعدام وسائل النقل، فيما لم يتمكن البعض الآخر من الوصول لبيوتهم إلا في ساعات متأخرة من الليل.