من المنتظر أن يستدعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمام العدالة للإدلاء بشهادته حول اشتباه تورطه في عمليات رشوة وتمويلات سياسية على هامش بيع غواصات بحرية إلى باكستان والتي تكون وراء الاعتداء المناهض لفرنسا الذي نفذ بكاراشي سنة 2002 شعبية ساركوزي تتراجع قبل نحو 18 شهرا على انتخابات الرئاسة طالبت أسر ضحايا تفجير وقع في مدينة كراتشيالباكستانية عام 2002 وأسفر عن مقتل 11 فرنسيا، الرئيس نيكولا ساركوزي بتقديم توضيح حول شبهات فساد وتمويل سياسي في صفقة بيع باكستان غواصات فرنسية، قد تكون أدت بشكل ”غير مباشر” إلى الهجوم. جاء ذلك بعدما تكشف خيط جديد في التحقيق بشأن التفجير عن صلات محتملة بقضية غامضة لعمولات دفعت مقابل شراء باكستان الغواصات، عندما كان ساركوزي وزيرا للميزانية. وقالت ساندرين لوكليرك، وهي ابنة أحد الضحايا الفرنسيين، في تصريحات موجهة لساركوزي ”بعدما تخليت عنا نسيتنا، والآن حان الوقت لتقدم تفسيرا”. وكانت المعارضة اليسارية قد دعت ساركوزي إلى تقديم كافة التوضيحات عن الدور الذي قد يكون قام به في تلك القضية، وطلبت رفع السرية عن وثائق عسكرية بهذا الصدد. وكان التحقيق حول هجوم كراتشي الذي وقع يوم 8 ماي 2002 ضد موظفي إدارة المنشآت البحرية قد تركز على مسؤولية تنظيم القاعدة، لكن منذ سنة تحول الانتباه إلى فرضية انتقام باكستاني من انقطاع دفع عمولات وعدت بها فرنسا في إطار صفقة بيع باكستان ثلاث غواصات أبرمت عام 1994 مقابل نحو 850 مليون يورو. وكانت العمولات شرعية حتى منعتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عام 2000، وتدفع في مثل هذه الصفقات لوسطاء يسهلون إبرام العقود. وكان رئيس باكستان الحالي آصف علي زرداري وقت إبرام الصفقة وزيرا في حكومة زوجته بينظير بوتو، وهو من كان يوزع العمولات الفرنسية في باكستان، كما تقول وكالة الصحافة الفرنسية.وقد استعملت ”الرشى” الباكستانية في تمويل حملة الانتخابات الرئاسية لرئيس الوزراء عام 1994 إدوار بالادور الذي كان ساركوزي الناطق باسمه، حسب شهادات أفادتها تقارير أدرجت في الملف.وقرر الرئيس جاك شيراك عقب انتخابه عام 1995 وقف العمولات، متسببا في انقطاع الموارد المالية عبر ”الرشى” لخصمه اللدود بالادور الذي كان دائما ينفي أي تمويل غير قانوني لحملته الانتخابية. ورغم أن الشبهات ليست جديدة، اتخذت القضية منحى جديدا بعدما أكد وزير الدفاع السابق شارل ميون تلك الرشى، على ما أفاد به مصدر قريب من الملف لوكالة الصحافة الفرنسية. وأبلغ ميون مؤخرا القاضي رنوه فان رويمبيك بأن التحريات التي أجرتها أجهزة الاستخبارات عام 1995 بعد انتخاب شيراك، أثبتت دفع تلك الرشى لمسؤولين فرنسيين على هامش صفقة بيع باكستان غواصات والسعودية فرقاطات.ومنذ ذلك التاريخ تدعو المعارضة وعائلات الضحايا القضاء للاستماع إلى ساركوزي وشيراك ورئيس وزرائه دومينيك دوفيلبان الذي كان حين إبرام الصفقة أمين عام قصر الإيليزيه. وبالفعل، رفع محامو عائلات الضحايا طلبا إلى القاضي للاستماع إلى شيراك ودوفيلبان. وقد قال النائب الاشتراكي جان كريستوف كمباديليس في تصريح صحفي ”أظن أن ساركوزي متورط أيضا في هذه القضية”.كما تحدث تقرير للبرلمان في ماي الماضي بخصوص لغز هجوم كراتشي عن عمولات لوسطاء أجانب. وقال التقرير إن العمولات وصفت باعتبارها ”نفقات تسويق استثنائية”، وبلغت قيمتها 84 مليون يورو. يشار إلى أن الحصانة الرئاسية التي يتمتع بها ساركوزي تعني أن بمقدوره أن يرفض الاستجواب وهو في منصبه. لكن من المحتمل أن يضطر سياسيون آخرون كانوا يتولون مناصبهم منتصف التسعينيات للإدلاء بشهاداتهم في قضية تستحوذ على اهتمام وسائل الإعلام، ما يزعج ساركوزي الذي يعاني واحدا من أدنى مستويات الشعبية بين رؤساء فرنسا قبل نحو 18 شهرا على انتخابات الرئاسة.