خلصت محكمة الجنايات بباتنة في دورتها الحالية إلى إدانة المتورطين في الانفجار الإرهابي الذي هز مدينة باتنة شهر سبتمبر 2007 تزامنا مع زيارة رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، إلى الولاية، بأحكام متفاوتة، أهمها إصدار أحكام بالإعدام ضد أمير تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، عبد المالك دروكدال، وأمير كتيبة الموت، علي مهيرة، المكنى ب“أبي رواحة”، لعلاقتهما المباشرة بالوقائع محامون يستغربون استبعاد جرم محاولة اغتيال رئيس الجمهورية من حيثيات قرار الإحالة اعترافات المتهمين أكدت تورط أمير تنظيم القاعدة، دروكدال، وأمير كتيبة الموت، علي مهيرة، المكنى ب “أبي رواحة“ بالوقائع يتراوح منطوق الأحكام بين عقوبة الإعدام ضد المتهم الأول (ز. وليد)، و 15 سنة سجنا نافذا وغرامة ب100 مليون، ضد ( ذ. م . لمين) و (ع . هشام )، فيما أدين المتهم (خ . عماد ) بعقوبة 5 سنوات سجنا نافذا، واستفادة والده ( خ. علي) من الإفراج بعد انقضاء العقوبة الصادرة ضده ب3 سنوات سجنا. وقد توبع هؤلاء المتهمين بجرم القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد واستعمال متفجرات في أماكن عمومية وتسيير تنظيم إرهابي، وتوجيه تهمة عدم الإبلاغ للمتهم ( خ. ع) و3 متهمين آخرين، فيما استفاد المتهم ( ريوي. ع) من البراءة. القاضي للمتهم الأول: “أنت لم تنقطع عن العمل الإرهابي بعد استفادتك من العفو” وشهدت المحاكمة إجراءات أمنية مشددة وتدابير تنظيمية لاحتواء العدد الكبير من رجال الإعلام وأهالي المتهمين، وكذا عائلات الضحايا البالغ عددهم 25 قتيلا و 172 جريح، وقد بدا نوع من الارتباك والخوف واللامبالاة لدى المتهم الأول ( ز. وليد)، 28 سنة، في رده على استفسارات القاضي، حيث تراجع عن بعض تصريحاته السابقة وأنكر وجود اتصالات بينه وبين التنظيم الإرهابي، بعد استفادته من قانون المصالحة وتسليم نفسه لمصالح الأمن سنة 2006، غير أن القاضي أكد له بأنه استمر في العمل مع الإرهابيين بعد نزوله من الجبل وأن توبته لم تكن إلا شكلية، بعد أن كلفه الإرهابيون ببعض المهمات داخل المدينة، بالاعتماد على اعترافه بملاقاة الإرهابي علي مهيرة مرتين، وقيامه باقتناء بعض المواد الغذائية له، بالإضافة لأقوال أحد المتهمين، الذي ذكر أن ( ز. وليد)، كان يقيم حلقات تحريضية لبعض شباب حي “بارك آفوراج”، يدعوهم فيها إلى الالتحاق بالعمل المسلح. وحاول المتهم الرئيسي إنكار كل اعترافاته، وقال إنه اعترف بذلك تحت طائل الضغط والضرب، معتمدا على معارضة محاميته لبعض الأسئلة التي وجهها القاضي لموكلها، مع الإشارة إلى أن المحامية قامت في السابق بتقديم طعن في قرار غرفة الاتهام وطالبت بإسقاط التهم الموجهة ل( ز. وليد)، وقالت في مرافعتها إن موكلها لم يتم سماعه إلا بعد 10 أيام من القبض عليه، وأن التصريحات المدونة بعد هذه المدة تفتقر إلى المصداقية، كما أن المدعو “(خ. عماد ) لم يجزم بأن الانتحاري، بلزرق الهواري، هو ذاته من كان بصحبة “ ز. وليد “ يوم الواقعة، بل قال عن صورة رأس الانتحاري أنه “يشبهه” ، و”لا يمكن بناء حكم على اشتباه”، حسب الأستاذة بوعبد الله، التي أضافت “بأن واقعة نزول أمير كتيبة الموت، علي مهيرة، مرتين كما صرح موكلها أمام قاضي التحقيق وتوجهه لمصور بقلب مدينة باتنة بغرض التقاط صور شخصية” يستدعي تحرك رجال الأمن للحصول على الصور” و”فتح تحقيق حول صحة نزول أمير كتيبة الموت” وأضافت بأنه “لا يوجد تحقيق مكتوب بالواقعة”، كما نفت المحامية تهمة حيازة المتفجرات كلية عن موكلها لأنه لم يضبط لديه أية متفجرات فيما تركت تهمة الانخراط في مجموعة إرهابية لتقدير المحكمة كون المتهم معترف بها. محامية المتهم “خ .عماد”: “موكلي لم يعلم بوجود انتحاري” من جهتها، حاولت محامية المتهم الثاني الحدث “خ .عماد” المتهم بجمع المعلومات حول تواجد رجال الشرطة في المكان الذي سيترجل فيه الرئيس وحجم الحواجز الأمنية الموضوعة وموافاة المتهم الأول بها، أن ترد التهم الموجهة لموكلها وبنت مرافعتها على أن “خ. عماد” قام بالمهمة حينما ووعده الإرهابيون برؤية أخيه “ الهمام “ الناشط في صفوف الجماعات المسلحة، وأن هذا الأخير هو من طلب منه ذلك، غير أنه لم يعلم إطلاقا بمخطط التفجير، واستدلت على ذلك بضحكه على مشية الانتحاري وهو دليل على عدم علمه بهويته وكونه يحمل حزاما ناسفا، وأضافت المحامية أن المتهم لما تحرى علو الحواجز والتواجد الأمني بالمنطقة المحددة كان ذلك لإعطاء الأمان لأخيه كي ينزل من الجبل، كما أخبر من قبل الذين كلفوه بالمهمة، وأضافت المحامية بأن “خ. عماد” لم يشارك بأي شكل في العملية، إنما استخدم فيها لسذاجته وحداثة سنه (17 سنة يومها)، وعدم لفته لأنظار رجال الأمن، كما التمست إفادته بظروف التخفيف لأنه غير مسبوق، وإصدار حكم تربوي في حقه أكثر منه ردعي. المتهم “ ذ. م. لمين “ : “تقاضيت 60 دينارا نظير نقل “ز. وليد “ ورفيقه إلى وسط المدينة ولم أعرف ما وراءهما المتهم “ ذ. م. لمين”، الذي اشتهر في القضية “ بالفرودار”، بعد قيامه بنقل المتهم الأول رفقة الانتحاري إلى وسط مدينة باتنة، أنكر كل التهم المنسوبة إليه بعلمه بما يخطط له “ ز. وليد “ ومن معه، وصرح بأنه يمارس نشاط النقل الطفيلي أو ما يعرف بالفرود من مدة طويلة ومتعود على نقل أشخاص كثيرين وقد قصده في ذلك اليوم “ ز. وليد” رفقة شخص لا يعرفه وطلبا منه إيصالهما إلى وسط المدينة، وهو ما كان بالفعل قبل أن يتقاضى ثمن “الكورسة” ب 60 دج ، ونفى أن تكون له سابق معرفة بما يخططان له، وقد قام باستظهار جواز سفره، مؤكدا بأنه سافر إلى ليبيا في اليوم الموالي لممارسة التجارة دون أية خلفيات أو مساعدات من جهات أخرى، وهي ذات النقاط التي انطلق منها محامياه لإثبات براءته من التهم المنسوبة إليه، مستندين إلى تصريحات “ز. وليد” الذي أكد أن “ذ. م. ل” لا علاقة له بالموضوع . وقد توالت مرافعات محاميي المتهمين الموقوفين الآخرين البالغ عددهم 12 شخصا ، إلى حدود الساعة العاشرة من مساء الأربعاء قبل أن ترفع الجلسة ويؤجل النطق بالأحكام إلى يوم أول أمس الخميس. النائب العام: “الجرم استهدف المساس بأمن الدولة واستقراها” وخلال المحاكمة، حاول ممثل الحق العام في مرافعته إبراز خصوصية الجرم المرتكب وارتباطه بأمن الدولة وخيانة شعبها وأمانتها من قبل مجرمين وإرهابيين أزهقوا أرواح عشرات الأبرياء وتسببوا لأبناء شعبهم في عاهات مستديمة وأضرار نفسية وجسدية بليغة، مؤكدا في الوقت نفسه صلة المتهمين الوطيدة بالوقائع وقصدهم المباشر في استهداف شخص رئيس الجمهورية، وبالتالي استهداف استقرار الدولة الجزائرية وإدخال البلاد في دوامة أخرى من الدم والدمار، سبق وأن عانى منها الشعب في عهد ليس ببعيد. وقدم ممثل الحق العام لائحة بطلبات النيابة تضمنت التماس الإعدام لكل من المتهمين “ز. وليد” و”ذ. م. لمين” والحكم على المتهم “خ. عماد “ بالحجر القانوني وإسقاط الحقوق المدنية لمدة خمس سنوات ، وعلى المتهم “عمارة. ه “ ب 20 سنة سجنا نافذا والحجر القانوني والحرمان من الحقوق المدنية لمدة 10 سنوات، والتمس في حق سبعة متهمين آخرين الحكم ب 5 سنوات سجنا نافذا والحرمان من الحقوق المدنية ل 10 سنوات مع مصادرة المحجوزات. من جهته، تقدم محامي الوكيل القضائي للخزينة، الأستاذ رقيق السعيد، بجملة من الطلبات في الشق المدني، أبرزها التماس ملياري سنتيم تعويضا لخزينة الدولة. وقد نطق القاضي بالحكم المذكور بعد الإجابة عن 52 سؤالا من قبل تشكيلة المحكمة أثناء انسحابهم للمداولة القانونية، ورفضت المحكمة أن تدرج تهمة محاولة اغتيال رئيس الجمهورية ضمن الأفعال المدونة في قرار الإحالة، بعد أن طرح ممثل النيابة سؤالا استثنائيا حول ما إذا كانت الأفعال المذكورة في نفس الظروف الزمانية والمكانية ومنذ زمن لم يمض عليه التقادم تشكل جرم محاولة اغتيال رئيس الجمهورية، حيث رفضت المحكمة الرد على هذا السؤال دون إشراك المحلفين، لأنه غير وارد في قرار الإحالة، وفي تصريح أحد المحامين ل “الفجر “ فإن النيابة كان عليها إثارة السؤال أثناء مرحلة التحقيق، أو تضيفه كوجه طعن حين حول الملف إلى المحكمة العليا، وأضاف بأن موقف المحكمة مؤسس قانونا .