تشهد الحركة التنصيرية بمنطقة القبائل تحركات مكثفة، أغلبها في الخفاء، مع الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة، كمناسبة دينية سانحة للكنيسة البروتستانتية، التي تنشط بشكل كبير بالجزائر بممارسة طقوسها ومعتقداتها تزامنا وهذا اليوم، كما يتفق أغلب المهتمين بظاهرة التنصير في الجزائر على أن الظاهرة أخذت أبعادا خطيرة آباء يجبرون أبناءهم دون العاشرة على اعتناق المسيحية عشية الاحتفال برأس السنة الميلادية خاصة بعد تحويل المبشرين سكنات وفيلات فاخرة إلى معابد وكنائس غير مرخصة، لاسيما بمناطق عين الحمام والأربعاء ناث إيراثن، تيزي راشد، عزازڤة والمدينة الجديدة بتيزي وزو ومناطق أخرى تنشط في الخفاء بعيدا عن أعين السلطات الوصية، ما أسفر عن اعتناق عدد من العائلات للديانة المسيحية تحت ضغط دوافع مختلفة، على غرار الفقر والبطالة. كشفت جولة استطلاعية ل”الفجر” عبر مختلف مناطق تيزي وزو عن التنامي المخيف لظاهرة التنصير، التي باتت تظهر إلى العلن مع الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة، بعد أن كان المتنصرون سابقا ينشطون خفية خوفا من المضايقات والملاحقات القضائية والأمنية، خاصة وأن أغلب المعابد التي تنشط عبر تراب الولاية غير شرعية، لاسيما مع ارتفاع عدد معتنقيها إلى حدود11 ألف مسيحي بالجزائر، أغلبهم متواجدون بمنطقة القبائل، ويزداد نشاطهم وظهورهم عندما يتعلق الأمر بالاحتفال بأعياد المسيح. فبولاية تيزي وزو، على سبيل المثال، انطلقت الاحتفالات مع ال24 ديسمبر الجاري والتي ستتواصل لمدة 12 يوما، وهو تقليد جديد اعتمده المبشرون والمشرفون على الكنيسة البروتستانتية بالولاية لتبلغ الاحتفالات ذروتها مع نهاية رأس السنة، وهو الموعد الفصل الذي ينتظره هؤلاء المسيحيون، وتكون بداية مشاطهم بإرسال دعوات وبطاقات التهاني فيما بينهم متبوعة باستدعاءات لحضور حفل الاحتفال الرسمي الذي يقام داخل الكنائس، لاسيما بمنطقة واضية، التي تعتبر المعقل الرئيسي لنشاط الكنيسة البروتستانتية، التي تشرف على تسييرها امرأة من جنسية سويسرية، بمساعدة من طرف زوجها الجزائري، الذي يشرف هو الآخر على أكبر كنيسة بشرق البلاد بولاية قسنطينة. يضاف إلى ذلك فتح كنائس أخرى في سرية تامة بكل من عين الحمام، الأربعاء ناث إيراثن والمدينة الجديدة، إلى جانب عزازڤة وبوزڤان وتيزي راشد، حيث يشرف على عملية التأطير أساتذة في الطور الثانوي، ونفس المشهد تعيشه بلدية إيليلتن بإفرحونن. وبعد وصول الوفود المدعوة إلى مقر الكنيسة أو المعبد المختار لاحتضان الاحتفالات الرسمية حسب المناطق، يجتمع الحضور داخل القاعة بعد السماح لهم بالدخول منتظرين المشرف العام على الكنيسة والمؤطر الأول للاحتفالات التي تنطلق بكلمة ترحيبية من طرف أحد القساوسة. قساوسة زائرون يبحثون عن دعم المتنصرين وتمويل الكنائس غير الشرعية وفي هذا الإطار، كشفت مصادر عليمة ل”الفجر” عن زيارة مرتقبة لبعض القساوسة القادمين من فرنسا وسويسرا إلى ولاية تيزي وزو للإشراف على اجتماع تشاوري مع المشرفين على كنائس الولاية ودراسة ملف المضايقات والمتابعات القضائية التي تلاحق عددا من أتباع الكنيسة البروتستانتية بالجزائر، على وجه الخصوص بمنطقة القبائل، إلى جانب دراسة إمكانية تمويل الكنائس غير المرخصة بالمال لمتابعة نشاطها السنوي. كما ينتظر أن يحضر قساوسة آخرون من بلجيكا للنظر في الإجراءات التي أصدرتها السلطات الولائية لتيزي وزو التي كانت قد أمرت مؤخرا بتوقيف أشغال ترميم وتوسيع الكنيسة البروتستانتية بالمدينة الجديدة التي حولت مقرها إلى حي بكار. وبعد أن يصطف الجميع وفق الطريقة المسيحية داخل الكنيسة، يشرع القس الأكبر سنا أو أصغرهم سنا والمتمتع بقدر كبير من المعرفة في إلقاء كلمة ترحيبية بصفة رسمية، على أن تنطلق الاحتفالات على وقع الأغاني الممجدة للمسيح عليه السلام وبأيدي المتنصرين الصليب الذي يعد حسبهم رمزا لأسمى حقائق الإيمان المسيحي، أي الإيمان بالله الواحد وبالثالوث الأقدس وبسري التجسد والفداء، والغريب في الأمر عند احتفالات المسيحيين بتيزي وزو، هو اصطحاب الآباء المتنصرين لأبنائهم الصغار الذين يجبرونهم على الدخول إلى المسيحية، لاسيما الأقل من سن العاشرة، ما يؤكد صحة تنصير عائلات بأكملها، لاسيما بمناطق واضية، تيزي غنيف، بنسبة كبيرة تلاميذ الثانويات، وعدد آخر من الجهة الجنوبية بتيزي وزو. وكما تعتمد الطائفة البروتستانتية بمنطقة القبائل تزامنا والاحتفالات برأس السنة الميلادية الجدية طقوسا غريبة داخل الكنائس، على أن يتم إدخال الشخص الذي دخل إلى المسيحية لأول مرة داخل حوض مائي على سبيل الذكر، ويتم غسله بحضور قس يشرف على العملية التي سيتم تصوير مشاهدها بدقة وهذا لاستعادة ضمير هذا الشخص وتهيئته لديانته الجديدة حسب اعتقادهم. وإن كانت الطائفة الكاثوليكية قد تبرأت من مثل هذه الطقوس وتصرفات أتباع البروتستانتية، فإن هذه الأخيرة تمادت إلى أبعد الحدود بالنظر إلى الطريقة التي تعتمد في احتفالاتهم الرسمية برأس السنة. ويجتمع المتنصرون داخل الكنائس وفق طريقتهم المعهودة المبنية على النظام الداخلي المرتكز على تشكيل الصفوف المنتظمة من خلال الاختلاط بين الجنسين، حيث يرقص الجميع داخل المعابد، حيث يصطف الحضور على الطريقة الشعبية وكأنهم استدعوا لحضور حفل من نوع خاص، إذ يبقى القاسم المشترك بين هؤلاء الطقوس الغربية التي يحاطون بها طيلة مراسيم الاحتفال. وبعد مراسم التعارف بين الضيوف المتنصرين والإعلان عن تزويج آخرين بالمناسبة وإلقاء الأناشيد الروحية المسيحية التي باتت تروج غالبيتها للشذوذ الجنسي بين المدعوين الذين يرقصون طيلة الليل على وقع الصليب، تقام بعده ولائم وعشاء فاخر بحضور قساوسة أجانب بحضور جميع أفراد عائلاتهم وهم محاطون بشجرة الميلاد وأجراس بابا نوال. والأخطر من كل هذا، حسب ما كشفت عنه مصادر عليمة، فإن احتفالات هذا العام تخرج عن نطاقها المألوف من السهر والسمر داخل الكنائس على وقع لحم الخنزير وكؤوس الخمر بعدما كان يقتصر سابقا على لابيش وفق الطريقة التقليدية المعهودة عندهم. كما يعمد هؤلاء لإشراك العديد من المرضى الذين يتم إغراؤهم بالمادة والمال، مثلما تعتمد عليه كنيسة واضية والأربعاء ناث إيراثن، إلى جانب الاستعانة بالأمين، مثلما هو الحال بمنطقة عين الحمام وإيليلتن. ولعل الأهم في كل هذه الطقوس هو محاولة استمالة ذوي الاحتياجات الخاصة والمدمنين على المخدرات للانسياق وراء دعوات المتنصرين، إلى جانب توفير مزايا مادية مغرية وفرص عمل ودراسة بالخارج بالنسبة للطلبة الذين يغتنمون فرصة الاحتفال برأس السنة الميلادية لإعلان ولائهم للحركة التنصيرية بمنطقة القبائل. كما أن المتنصرين الجدد ولممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية يلجأون إلى الكنائس التي تتوفر على مكتبات والتي يقودها جزائريون خلفا للآباء البيض، يضاف إليه روض الأطفال حيث يتم استدراج شباب المنطقة عن طريق تقديم دروس دعم يلقيها أشخاص تابعون للكنيسة، إذ هناك إدماج الشباب المتردد على تلك المكتبات، حيث يتم استقبالهم من قبل الرهبان على أن يتم تزويدهم بالكتب والمجلات التنصيرية، إلى جانب أشرطة فيديو تحوي حصصا بالأمازيغية حول فضائل المسيحية، وهي العملية التي يغتنم المتنصرون فرصة رأس السنة الميلادية لتجسيدها وتعميمها بشكل أكبر، حيث يقومون بتوزيع كتب مجانا، منها الإيمان الذي به نحيا، زوجة الراعي الكنيسة المنتصرة حقائق إيمانية، وغيره من الكتب الإنجيلية.