رفض وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بلخادم، الكشف عن الموقف الحقيقي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من ملف مقترح تجريم الاستعمار، لكنه شدد على تجريم فرنسا وربط إصدار قانون في السياق بالحفاظ على العلاقات بين البلدين داعيا الأحزاب السياسية والمنظمات الثورية إلى العمل معا على تحقيق مطلب تجريم فرنسا الاستعمارية والتأسيس لذاكرة الجزائر، من أجل إدانتها ودحض فكرة تسويق تمجيد الاستعمار. تحفظ عبد العزيز بلخادم عن توضيح موقف رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، من مقترح تجريم الاستعمار الفرنسي، رغم أن الرئيس كان أول من أثار قضية مطالبة فرنسا بالإعتراف بجرائمها ومجازرها المرتكبة في حق الشعب الجزائري، وذكر الأسباب التي تعيق إصدار قانون يجرم فرنسا، رغم الإجماع السياسي واتفاق كل منظمات المجتمع المدني والأسرة الثورية، في إجابة عن سؤال ل “الفجر”، واكتفى بالقول إن “الاحتلال جريمة”، وأنه “يجب التفكير في كيفية التعامل مع هذا القانون، وما هي الإجراءات التي تتبع فيما يضمن حق من الحقوق، وهذا ما يحتاج إلى ضبط، وثانيا فيما يضمن العلاقة بين الدول في تقاسم المصالح”. وتصادم موقف عبد العزيز بلخادم حول هذا الملف مع موقف الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، السعيد عبادو، الذي شدد في مداخلة ألقاها بمناسبة انعقاد الدورة ال 34 للمجلس الوطني لمنظمة أبناء الشهداء، على أن تجريم فرنسا لا يتوقف على مصالح الجزائر معها، وقال إنه “لم نتعود أن نجد أنفسنا في مواقف دفاع، نأخذ بعين الاعتبار مصالحنا، لكن همتنا وشرفنا تعلو فوق كل اعتبار، نريد أن نرد الصاع صاعين”. وفي الكلمة التي ألقاها بلخادم بنفس المناسبة، اعتبر أن مطلب تجريم الاستعمار الفرنسي “يأتي من باب الإدانة وإقرار الحق، وليس من باب إحراج فرنسا”، وأنه رد على تمجيد الذاكرة الفرنسية من خلال القوانين التي تصدرها فرنسا في هذا الإطار، وأوضح أنه “ينبغي أن نتذكر أنه من وراء البحر أسست مؤسسة الذاكرة، وأنهم يحضرون لتسويق تمجيد ذاكرتهم، ونحن ينبغي علينا أيضا أن نؤسس للذاكرة من أجل إدانة الجريمة الاستعمارية”، وأضاف “للأسف هناك مزاحمون للفردوس المفقود، لأنهم يظنون أن ذاكرتنا اختفت وأن الأجيال التي لم تعرف الاحتلال قد لا تكون بنفس الحرص على سيادة الوطن”. ودعا عبد العزيز بلخادم، بصفته أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني، المنظمات الثورية إلى تقديم مهمة الحفاظ على رسالة نوفمبر على مهمة الدفاع عن المطالب والحقوق والتخلي عن العمل النقابي، وخاطب أعضاء المجلس الوطني لمنظمة أبناء الشهداء بالقول إنه “لا ينبغي أن تدركوا أنكم تنظيم نقابي يتحدث عن مطالب وحقوق، بل ينبغي أن تؤتمنون على حمل رسالة نوفمبر”، وهي رسالة واضحة لكل التنظيمات الثورية التي لا شغل لها سوى المطالبة بالحقوق وتخلت عن رسالتها التاريخية. السعيد عبادو: رئيس قدماء المحاربين الفرنسيين تأسف عن جرائم بلده من جهته، كشف الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، السعيد عبادو، عن تضامن واسع لقيه لدى قدماء المحاربين الفرنسيين، الذين شاركوا الجيش الفرنسي إبان تواجده في الجزائر، مع مطلب الجزائر حول تجريم فرنسا الاستعمارية، ورد الاعتبار عن طريق الاعتذار، موضحا أن رئيس جمعية قدماء المحاربين الفرنسيين، عبر له شخصيا عن أسفه لوقوع “الحرب بين الجزائروفرنسا”، وأبان عن نيته في الاعتذار عن المجازر التي اقترفتها فرنسا في حق الشعب الجزائري. وقال السعيد عبادو، في الكلمة التي ألقاها خلال الدورة ال 34 للمجلس الوطني لمنظمة أبناء الشهداء، إن رئيس جمعية قدماء المحاربين الفرنسيين، عبر له عن أسفه للأحداث المؤلمة التي عاشها الجزائريون إبان التواجد الفرنسي الاستعماري، ونقل له موقفه وموقف بعض قدماء المحاربين الفرنسيين المعارض لما قامت به فرنسا الاستعمارية، حين أوضح أنه “لم يكن من الواجب وقوع الحرب بين الجزائروفرنسا،وأنا على استعداد لبناء معلم تذكاري لضحايا 8 ماي 1945”، ولم يكن أن نقف ضد الجزائريين الذين وقفوا مع فرنسا النازية”. ولقيت المنظمة الوطنية للمجاهدين، حسب أمينها العام، تضامنا كبيرا من قبل قدماء المحاربين من 65 دولة شاركوا مؤخرا في لقاء بفرنسا تحت إشراف المنظمة العالمية لقدماء المحاربين، عند عرضها لعدد من الملفات المتعلقة بالحقبة الاستعمارية، كملف التجارب النووية وخريطة الألغام، لكن بالمقابل، لم تجد المنظمة الفرنسية لقدماء المحاربين التي كانت موجودة بقوة في اللقاء، ما تقوله حول ما عرضته المنظمة من ملفات. وأوضح عبادو أن 25 جمعية فرنسية اتصلت بمنظمته في السابق، واقترحت عليه اتخاذ يوم “19 مارس” يوما للسلم، في محاولة منها لإرساء مصالحة تاريخية مشبوهة وتسامح غير بريء بين الجزائروفرنسا، وألحوا على الاقتراح، لكن الجزائر اختارت أن يكون يوم 19 مارس عيدا للنصر. ومن جانب آخر، اعتبر الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، القانون الفرنسي للتعويض عن ضحايا التجارب النووية بالصحراء الجزائرية، بأنه قانون مفصل على المقاس ويعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية للجزائر، وهو قانون لن ترضى به المنظمة، وهي مستعدة للنقاش حوله، وفي كل القضايا المتعلقة بالتجريم والتعويض، مشيرا إلى أن التعويضات والمنح التي يستفيد منها أبناء الأسرة الثورية، من مجاهدين وأبناء وأرامل الشهداء، يفترض أن تدفعها فرنسا من خزينتها العمومية.