عاد، أمس، الهدوء إلى مختلف أحياء العاصمة والمدن، بعد أن تراجعت موجة العنف التي عرفتها البلاد على مدى الثلاثة أيام الماضية، وقد لوحظ بأن سكان العاصمة خرجوا بشكل عادي في اليوم الثاني للعطلة الأسبوعية وفتحت المحلات التجارية والأسواق أبوابها ليتفرغ الكل لعمله كما جرت العادة، كما سجلت المخابز ومحلات المواد الغذائية العامة إقبالا عاديا على غرار الأسواق العمومية، كما اغتنم سكان العاصمة يوم الراحة هذا لاقتناء حاجياتهم قبل بداية الأسبوع، كما شهدت المقاهي إقبالا عاديا، في الوقت الذي عرف التزود ببعض المواد الغذائية بعض التذبذب على غرار حليب الأكياس. الملاحظ أن حديث عامة الناس يدور حول ما شهدته العاصمة ومدن البلاد خلال الأيام الأخيرة، وتأسفوا لأعمال التخريب والتدمير التي استهدفت مؤسسات عمومية لاسيما المدارس والمراكز الصحية والمحلات التجارية، وشهدت بعض الأحياء على غرار محمد بلوزداد وباش جراح مناوشات يوم أمس، في حين سجلت عودة الهدوء بحي باب الواد، حيث لم يتم تسجيل أعمال عنف خلال ليلة الجمعة إلى السبت على عكس الليلتين السابقتين. وبدأت الحركة الاحتجاجية تتلاشى بالرغم من أن مخلفات الليلتين الماضيتين بقيت بادية ولا زالت آثار العجلات المطاطية التي أضرمت فيها النيران وبقايا الزجاج ظاهرة على الأرصفة، حيث باشر عمال النظافة بتنظيف الشوارع من الشظايا والمقذوفات التي استعملها المحتجون خلال المظاهرات وبقايا العجلات المطاطية المحترقة. ويبدو أن النداءات التي وجهتها مختلف الأطراف، لا سيما المسنين والعقلاء والأئمة في خطبهم يوم الجمعة للتحلي بالهدوء، لقيت آذانا صاغية، حيث وحسب الشهادات التي تم الإدلاء بها فقد منع شبان من حي بالأبيار بأعالي العاصمة بعض المنحرفين من تخريب محل للملابس الجاهزة. قسنطيني: العنف يتنافى مع حقوق الإنسان بدورها، أكدت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، في بيان لها أصدرته يوم أمس، أن أعمال العنف المسجلة خلال الحركة الاحتجاجية التي شهدتها العديد من مدن الوطن “تتنافى وحقوق الإنسان”، وأضافت أن اللجنة “تسجل أعمال الشغب التي قام بها شباب يائس يعاني من الفقر والبطالة والتي مست كبريات مدن الوطن”، مؤكدة على أنه “أيا كانت الدوافع المشروعة لهذه الاحتجاجات، فإنها لا يمكن أن تبرر اللجوء الى أعمال العنف والتجاوزات ضد المباني العمومية التي ترمز الى الدولة والمحلات التجارية التابعة للخواص”، وذكرت بان أعمال العنف “تتنافى وحقوق الإنسان وأنها تؤخر بناء دولة القانون التي تتطلع إليها هذه الشبيبة التي يجب تخلصيها فورا من المعاناة الاجتماعية التي تواجهها منذ عقود والتي لم تلق العلاج الشافي بعد”. جمعية 8 ماي: العنف عقاب للشعب بأيادي الشعب وعلى الشباب مواجهة المناورين وأطلقت جمعية 8 ماي 1945، نداء للشباب الجزائري من أجل التعقل ونبذ العنف الذي لا يولد إلا مثله، ويتيح الطريق للمناورين لصب الزيت على النار، وأوضحت في بيان تلقت “الفجر” نسخة منه، بأن “العنف والنهب والسلب ممارسات غريبة عن ثقافتنا، وألحت على الشباب عدم منح الفرصة لأولئك الذين عاثوا بالجزائر في العشرية السوداء أن يعيدوا الكرة ويقودونا لممرات حالكة”، ودعت الشباب وسكان الأحياء بصفة عامة إلى الانتظام في شكل جمعيات أحياء مؤقتة والتوجه إلى المصالح المعنية من سلطات محلية وولائية لطرح الانشغالات بأسلوب حضاري، مؤكدة على أن العنف إنما هو عقاب للشعب بأيادي الشعب. “الأمدياس” يدعو الشباب إلى التعبير السلمي وانتقد مناضلو الامدياس، في بيان تلقت “الفجر” نسخة منه، طريقة تعامل السلطات العمومية مع الاحتجاجات، بانشغالها ب”تسيير تحالفها مع الإسلاميين”، في إشارة إلى حركة مجتمع السلم أحد أقطاب التحالف الرئاسي، واعتبروا الاجتماع الوزاري المنعقد أمس لدراسة الوضع، والإجراءات التقنية التي اتخذتها الحكومة للحد من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية كالسكر والزيت، ليس حلا جذريا لوقف الاحتجاجات، التي تهدف إلى تغييرات جذرية، وقال بيان الامدياس، إن “المنطق الاقتصادي” الذي تتبناه الحكومة، هو الذي يشجع المضاربة وسياسة الريع، ودعا إلى الانضمام لنداءات تنظيم مسيرات سلمية، وإرساء سلطة نضال من أجل الديمقراطية. المجلس الإسلامي الأعلى يدعو للتعقل ويحذر من الانسياق وراء تيارات مشبوهة ووجه المجلس الإسلامي الأعلى في بيان استلمت “الفجر” نسخة عنه، نداء للشباب قصد “التعقل وتوخي الحيطة والحذر حتى لا ينساقوا من حيث لا يشعرون وراء بعض التيارات التي لا تريد الخير لبلادنا “ كما اعترض المجلس على ممارسة العنف والتخريب ودعا إلى التكفل باقتراحات الشباب قصد إيجاد حلول لانشغالات هؤلاء المتظاهرين، و”ضرورة الاستماع للانشغالات الأساسية للشباب حتى يشعروا بأنهم مواطنون كاملي الحقوق، والعمل الاستعجالي للقضاء على ظاهرة البطالة بتشغيلهم في مختلف المؤسسات أو تخصيص منحة محترمة تعيد لهم الاعتبار وتبعدهم عن اللجوء إلى العنف والتخريب”. أكاديمية المجتمع المدني يحذر من الاستثمار السياسي في الأحداث دعت أكاديمية المجتمع المدني جميع الفعاليات الوطنية إلى منع الاستثمار السياسي في أعمال العنف والخراب الذي طالت عدد من ولايات الوطن، حسب ما جاء في بيان لها ورد ل”الفجر “ نسخة منه، معبرة عن استيائها لغياب منظمات المجتمع المدني في تأطير الشباب وتوعيته من مخاطر الانزلاقات والتجاوزات التي تضر بالمصلحة الوطنية، وطالبت الأكاديمية الأحزاب والمنظمات الجماهيرية بالاضطلاع بمسؤولياتها في توقيف مظاهر التخريب التي تتعرض لها المؤسسات والمنشئات الوطنية، وهو الأمر الذي يتطلب، حسب ذات المنظمة، مراجعة جذرية لأساليب وعمل برامج هذه المنظمات في المستقبل القريب، لمواجهة الرهانات والتحديات الكبرى التي تتعرض لها البلاد، يضيف البيان.