صانعو الشمّة يخلطون مواد سامة لزيادة الكمية والأخصائيون يحذرون تشهد الشمّة اليوم إقبالا ملفتا للانتباه من قبل الشباب داخل الحافلات، أمام الملأ دون خجل أو حياء، فوضع “رفعة الشمة” كما يقال بالدّارجة، لم يبق حكرا على الشيوخ وكبار السن، ولعل الأسوأ في كل هذا هو طريقة استعمالها “المقرفة” والتي تثيرتذمر الكثير من المسافرين قامت “الفجر” بجولة استطلاعية، لمعرفة مدى تفشي هذه الظاهرة بين أوساط المسافرين في إحدى محطات الحافلات بالجزائر العاصمة، فكانت الوجهة الأولى محطة تافورة، حيث عبّرت لنا إحدى السيدات عن عدم تحمّلها مظهر وضع الشمة من قبل الشباب، وهو المظهر الذي يدعو للنفور. وأعربت لنا سيدة أخرى عن انزعاجها لغياب الاحترام التام داخل وسائل النقل، وكيف أن هذه الظاهرة فاقت الحد، فبعد تدخين السجائر، بات وضع الشمة ورميها أرضا يثير اشمئزاز العديد من الناس. هناك من أقلع على التدخين واتخذ من الشمة بديلا عنه نظرا لصعوبة التخلي عن تعاطي السجائر، وفي هذا الشأن يقول محمد البالغ من العمر 30 سنة بأنه أقلع عن التدخين بعد 15 سنة من تعاطيه وذلك بعد أن أصيب بمضاعفات صحية من ورائه، إلا أنه لم يستطع تحمّل ذلك، فاستبدله بالشمة ظنا منه أنها أقل ضررا في حين أثبتت الدراسات أن ضررها أكبر. وقد انتشرت أماكن بيع الشمة في كل مكان خاصة مواقف الحافلات، حيث يضع بعض الشباب طاولات لبيع السجائر والشمة بمختلف أنواعها في أكياس أو علب من حديد لترويجها، الأمر الذي يسهل اقتناءها. انتقلنا بعدها إلى أحد الأسواق الشعبية وبالضبط سوق لعقيبة بالعاصمة وتحدثنا مع بعض باعة “الشمة” الذين يقومون ببيعها بالميزان على عكس أصحاب طاولات التبغ. تقرّبنا من أحدهم وصرح لنا بلهجة كلها تباهٍ “أنا أمارس هذه المهنة منذ سنوات ولدي زبائني الذين أتعامل معهم”. من جهته، كشف لنا بائع آخر بأنه يقوم بإحضار الشمة من المدن الداخلية، حيث يوجد أشخاص مختصون في صنعها والتفنن فيها. وعن طريقة صنعها يقول عمي جلول بأن يدخل في تركيبتها عدة مواد من بينها أوراق العنب والديس وورق التبغ، ثم تخلط جميع هذه المكونات وتوضع في أكياس بلاستيكية. وقد “يتسرب” إليها الجير وبعض المواد الأخرى التي لا علم للزبون بها والتي يمكن أن تساهم في تسمّمه. وعن إقبال الزبائن على شراء الشمة يقول محدثنا بأنه رغم مخاطرها الصحية ورداءة صنعها، إلا أنها تعرف إقبالا كبيرا خاصة من قبل فئة الشباب وطلاب الجامعات الذين يقومون بشرائها بكميات معتبرة. وفي هذا الإطار يقول الدكتور بورنان بأن “الشمة” أو التبغ الممضوغ تتسبب في مخاطر صحية لما تحتويه من مواد سامة، حيث تنتج عنها التهابات في الفم وتقرّحات المرئ والمعدة، كما أنها تتسبب في انبعاث رائحة كريهة في الفم وهشاشة الأسنان. ونصح الدكتور بتفادي استهلاكها لما تحتويه من مواد كيميائية وسرطانية قاتلة، حيث تتسبب في الإصابة بالسرطان خاصة سرطان اللثة. وأوضح المتحدث أن استهلاك “رفعة” واحدة منها يعادل ثلاث سيجارات أو أربعة، باعتبار أن مادة النيكوتين يكون تركيزها كبيرا، مشيرا إلى أن نسبة الإصابة بسرطان الفم عند مستهلكي الشمة أكبر بثلاثة أضعاف عن الذين يتعاطون أنواع التبغ الأخرى.