منذ أيام، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، أنه لن يترشح في الدورة القادمة لرئاسة الأمانة العامة لهذه الهيئة ليترك الفرصة لآخرين، لأنه يعتزم الترشح لرئاسة الجمهورية في مصر، لكن هذا الإعلان مر مرور الكرام ولم تتلقفه الصحف العربية، بما فيها الصحف الجزائرية، التي تبنت منذ ست سنوات خلت الاقتراح الجزائري إبان القمة العربية المنعقدة في الجزائر، أين طرحت الجزائر مقترحا بتدوير الأمانة العامة للجامعة حتى لا تبقى حبيسة خيار البلد المضيف للمقر - مصر- لكنها فوجئت بالرفض من قبل كل البلدان العربية وعلى رأسها بلدان الخليج، التي قال زعماؤها صراحة إن لا أحد يقدر على “زعل” مصر، في إشارة واضحة إلى موقف مصر من قضية احتلال العراق للكويت، أين شاركت مصر بقوات مسلحة إلى جانب قوات الحلفاء لإخراج صدام من الكويت. لا أدري هذه المرة، وبعد تنحي عمرو موسى طواعية هل ستتمكن باقي البلدان العربية، بما فيها الجزائر، من فرض مقترح التدوير، أم ستذهب الأمانة العامة من جديد إلى مصر، خاصة وأن حسني مبارك، وحسب صحف مصرية، كان راسل الدول العربية مقترحا اسما مصريا آخر لخلافة عمرو موسى، وهذا قبل أن يتنحى من الحكم. أليست هذه فرصة لفرض التغيير في أعلى هيئة تمثل العرب، مجاراة لما يجري في الشارع العربي من ثورات وانتفاضات تطالب بالتغيير، خاصة وأن هذه الجامعة صارت رمزا لكل مساوئ الأنظمة العربية ونسبت إليها كل الانتكاسات التي عرفها العالم العربي؟ ألم يحن الوقت لتحقيق نوع من استقلالية القرار في جامعة الدول العربية، على القرار المصري، فأمينها العام كان يعاب عليه أن كل قراراته وقرارات الجامعة هي امتداد لمواقف الخارجية المصرية، بل كان الناطق الرسمي باسم مبارك في كل القضايا العربية، يحضر القمم والاجتماعات التي تحضرها مصر ويقاطع تلك التي تقاطعها، وكانت آخر تجربة، مقاطعة عمرو موسى للقمة الاستثنائية التي دعت إليها قطر من أجل بحث العدوان الاسرائيلي على غزة في جانفي 2009، وكان عمرو موسى أهم الغائبين من هذه القمة، لا لشيء إلا لأن مصر رفضت أن تلعب قطر دورا كهذا. ربما ليس الوقت للحديث عن رئاسة الجامعة العربية، فقد تعصف الأحداث الدائرة في الشارع العربي بالقمة المقبلة والتي كان من المنتظر أن يسلم القذافي رئاستها للعراق، فالجامعة العربية جمدت عضوية ليبيا وهي تناقش مسألة الحظر الجوي على ليبيا نظرا لما يتعرض له الشعب الليبي على يد القذافي، الذي لا تهمهه الآن بأي حال من الأحوال الجامعة ومصير الجامعة، بقدر ما هو منهمك في ترويع شعب طالبه بالتنحي .. قائد وعد شعبه بالجحيم وقد نفذ وعده.