أطلق معمر القذافي تصريحات استفزازية للغرب واتهامات مبطنة لعدد من الدول منها الجزائر، بالتساهل في التعاطي ومنع “تسلل الإرهابيين” وبين النأي عن دعمه في ما اعتبره محاربة الإرهاب حاليا في ليبيا، وخيّر الدول الغربية مهددا، إما بمساعدته أو مواجهة خطر القاعدة وتدفق المهاجرين غير الشرعيين أدلى، أمس، العقيد معمر القذافي، بحوار لصحيفة “لوجورنال دوديمونش” الفرنسية، يعتبر فيه أن ما يقوم به حاليا في بلده، حملة لمحاربة الإرهاب، مبديا استغرابه من عدم تفهم الخارج لهذا الأمر ونأيهم عن دعمه في ما يسميه مكافحة الإرهاب، “رغم أن أجهزة المخابرات الليبية لطالما تعاونت في هذا الإطار خلال السنوات الأخيرة”، و قال إنه “اليوم ونحن في معركة ضد الإرهاب في ليبيا، لم يأتوا لمساعدتنا في المقابل”. وسعيا منه للترويج لأن ما يفعله بالشعب الليبي من تقتيل، إنما هو مكافحة للإرهاب، تحدث العقيد الليبي عن “تعليمات“ وجهها تنظيم القاعدة لخلاياه النائمة في ليبيا خلال أحداث تونس ومصر، في محاولة لوصف الثوار بالإرهابيين، وقال متهما الجزائر ضمنيا بالتساهل مع تسلل الإرهابيين إلى ليبيا وعدم تشديد الرقابة على الحدود، إن “المقاتلين اعتادوا على تناول حبوب للهلوسة يوزعها عناصر من القاعدة قادمون من العراق وأفغانستان وحتى من الجزائر”، وأضاف أنهم يتصورون الرشاشات كألعاب نارية بعدما كانوا لا يعرفون لا القاعدة ولا إيديولوجيتها، في محاولة لتحميل الآخرين جزءا من المسؤولية عما يحدث في ليبيا حاليا. وهدد القذافي الدول الغربية التي دعمت الشعب على حساب القائد، حين خيرهم بين مساعدته أو أن يستعدوا لمواجهة انتشار عناصر القاعدة وتدفق المهاجرين السريين، وهما أكثر ما تتخوف منه أوروبا وأمريكا. وقال في نص الحوار الذي نشرت مقتطفات منه إنه “سيكون هناك جهاد إسلامي على أبوابكم في المتوسط، وعناصر بن لادن سيفرضون فدية في البر والبحر، وسنعود إلى زمن بربروس والقراصنة، وستكون أزمة عالمية وكارثة على الجميع”. من جهة أخرى، طالب معمر القذافي بلجنة تحقيق من الأممالمتحدة أو الاتحاد الإفريقي، تبحث في ليبيا حقيقة ما يحدث على أرض الواقع وبدون عراقيل، وأضاف أنه كان على فرنسا التي لها مصالح كبيرة في ليبيا وعملت وتعاونت معها كثيرا في عهد نيكولا ساركوزي على ملفات عديدة، أن تكون السباقة في إيفاد لجنة تحقيق إلى ليبيا، معبرا عن أمله في أن تغير باريس موقفها منه، وتترأس لجنة التحقيق وتعمل على تجميد قرارات مجلس الأمن ضد ليبيا، وتوقف التدخلات الخارجية في بنغازي، ونفى أن يكون قد حارب شعبه بالقول إن ما يفعله محاربة للإرهاب، وأشار إلى الجزائر وقال “ألا تعتقدون أن النظام الجزائري وخلال سنوات من مكافحته للمتطرفين كان يلجأ إلى القوة”، في محاولة الطعن من جهة في مجهودات الجزائر، وتبرير الأعمال الإجرامية لقواته ضد المواطنين العزل، متناسيا أن الإرهابيين في الجزائر استباحوا المواطنين العزل وليس العكس، كما حاول تمريره، وأضاف أنه يريد أن يفهم الآخرين أنه “في حالة وجود تهديد أو لااستقرار، ستؤول الأمور إلى الفوضى لصالح بن لادن والخلايا المسلحة، وسيتدفق آلاف الناس من ليبيا على أوروبا، ولن يكون هناك أحد لإيقافهم وسيلوح شبح التهديد الإسلامي”. ويبدو جليا من خلال الحوار الذي أدلى به العقيد الليبي معمر القذافي للصحيفة الفرنسية “ لوجورنال دو ديمونش”، أنه يسعى إلى لعب آخر أوراقه للتشبث بالحكم وكسب الدعم الغربي لمواجهة الشعب الليبي بعدما تخلى عنه المجتمع الدولي بسبب ما اقترفه في حق المطالبين بالتغيير الذين تحولوا إلى ثوار. واعتبر القذافي أن ما يفعله حاليا في ليبيا هو مكافحة للإرهاب تستحق الدعم الخارجي مثلما دعمت ليبيا الدول في مكافحة الإرهاب لسنوات طويلة من خلال أجهزة المخابرات، واليوم ينقلب “الزعيم” 180 درجة من راع ومدعم للإرهاب بشتى الوسائل إلى مبيد لشعبه تحت غطاء محاربة الإرهاب، وهو نفسه الذي سلح قبائل التوارڤ في منطقة الساحل وسعى إلى إنشاء حركة انفصالية من التوارڤ في المنطقة، وهو الذي تفاوض مع الدول الغربية لتحرير الرهائن المختطفين من طرف تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي، وسجله حافل بدعم الإرهاب واحتضان جماعاته التي زعزت استقرار عدد من دول المغرب العربي والصحراء على مدى سنوات. واليوم أصبح العقيد يبحث لنفسه عن مبرر لما يرتكبه من جرائم وإبادة في حق المواطنين الليبيين، وأكثر من ذلك يهدد المجتمع الدولي ويخيره بين دعمه للبقاء في كرسيه حتى الموت أو تحمل تبعات الوقوف ضده والاستعداد لعودة شبح التهديد الإرهابي في المتوسط بالقول “أنا أو القاعدة”.