أغلب السياسيين وصفوا حزمة الإصلاحات التي اقترحها الرئيس بأنها "عبارة عن تغيير في إطار الاستمرارية".. وهو الشعار الذي رفع سنة 1979 بعد وفاة بومدين. وإذا استطاع الرئيس أن يحمل المؤسسات الدستورية الميتة الآن على أن تخرج لنا نظاما سياسيا حيا.. فلا نتورع أن نقول له سبحان مخرج الميت من الحي.. تحيي العظام وهي رميم! قد يكون الرئيس فضل أن يمرر الإصلاحات بمؤسسات ضعيفة وبمعارضة أضعف حتى يمرر ما يريد في الوقت الذي يريد.. وهذا ما لا يستطيع فعله لو كان البرلمان برلمانا والحكومة حكومةً والمعارضة معارضةً! لكن تمرير الضعيف بالضعيف لا يمكن أن ينتج لنا سوى الضعيف! وهذا ما عانينا منه طوال 50 سنة الماضية! ولا يختلف تيسان أن برلمان السنوات الأولى للاستقلال كان برلمانا قويا.. ولو لم يكن كذلك ما جاء دستور 1963 من أحسن دساتير الجزائر حى الآن. وقياسا على هذا فإن برلمان اليوم وهو من أضعف برلمانات الدنيا وأشدها سوءاً لا يمكن أن ينتج لنا دستورا أو أي قوانين لها قيمة ومنتجها بلا قيمة! ومعنى هذا الكلام أن اللجنة الوطنية التي قال الرئيس إنها ستشكل ستكون هي البرلمان الحقيقي الذي يغير الدستور أو يعدله أو يصلحه أو يفسد حسب الطلب وأن ما تقره هذه اللجنة ويتبناه الرئيس هو الذي سيمر في النهاية! ويبقى التساؤل المشروع هو: هل ستعالج الإصلاحات الدستورية المادة 25 من الدستور؟! أم يبقى السجال فقط حول مادة العهدات ومادة الهوية ويتم السكوت تماما عن المواد المفصلية في الدستور.. كالمادة التي تنظم علاقة الرئيس بالمؤسسات الدستورية الأخرى.. والمادة التي تعالج موضوع فصل السلطات؟! وإذا تجاوزنا هذه الأمور الجوهرية فيما يكن أن يطرح في موضوع إصلاح الدستور فإن مسألة الوقت هي أيضا حاسمة! وعندما يقول وزير الداخلية إن %75 من حزمة الإصلاحات المقترحة هي من اختصاص وزارة الداخلية، وإن تعديل قانون الأحزاب لن يكون قبل 6 أشهر، فهذا يعني أن هناك علامة استفهام كبرى تخص امتلاك الرئيس لأدوات تنفيذ عهوده التي وعد بها في خطابه، وإذن فإن عامل الوقت وأدوات التنفيذ ومصداقية الجهات المنفذة ستكون العوامل الحاسمة في جدية تطبيق هذه الإصلاحات التي أريد لها أن تطفئ غليانا سياسيا له تعبيرات اجتماعية في الظاهر!