شهدت قناة “الجزيرة” القطرية حملة استقالات لإعلاميين بارزين، وعلى رأسهم غسان بن جدو وفيصل القاسم وآخرون على خلفية عدم “نزاهتها في التعامل مع الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية”، حسب ما أدلى به صحفيوها المغادرون. وأكد الخبير الإعلامي محمد لعقاب في تصريح ل “الفجر” انحراف القناة عن مهنيتها بانحيازها إلى أجندة السياسة القطرية والحلفاء الغربيين بدليل توقيف بعض البرامج التي تهتم بالرأي الآخر واقتصارها على تقديم الأخبار “المنحازة” وإعادة بثها فيصل القاسم ينضم إلى ركب المستقيلين أكد المختص في علوم الإعلام والاتصال، لعقاب محمد، في تصريح ل “الفجر” أنه مبدئيا لكل وسيلة إعلامية خط افتتاحي والخط الافتتاحي ليس في هذه الثورات التي تحدث في البلاد العربية اليوم فقط. فمثلا اختلف الخط الافتتاحي ل “الجزيرة” عن الخط الافتتاحي لقناة “العربية” في العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان الأخيرين؛ حيث انحازت “الجزيرة” إلى المقاومة وحزب الله وانحازت قناة “العربية” إلى إسرائيل.وعن أسس المهنية، اعتبر لعقاب أن المهنية تقتضي أن تقدم الأخبار بشكل محايد وإذا كان لابد من تحاليل فيجب أن تقدم من زوايا مختلفة مع إشراك كل الأطراف، ويقال إنه في الحروب تنتهي المهنية وهو ما يحدث اليوم. وإذا تحدثنا عن قناة “العربية” اليوم فهي أيضا موالية للملك ونفس الشيء بالنسبة لقناة “الجزيرة” التي تتبع السياسة القطرية بحذافرها “فالأمير القطري منذ وصوله الى الحكم عندما انقلب على أبيه واجه عدة مشاكل في شبه الجزيرة العربية خاصة مع السعودية فبحث عن مخارج أخرى تمثلت في التقرب من واشنطن فقبل ببناء قاعدة عسكرية أمريكية في بلاده بعدما رفضتها السعودية ثم اشترطت واشنطن علاقات بين قطر وإسرائيل وكان فعلا ذلك وإنشاء مكتب للتواصل مع إسرائيل. وبالتالي، فحسب الدكتور لعقاب فإننا نفهم سياسة قناة “الجزيرة” من خلفيات سياسة قطر. و”أصبحت الجزيرة اليوم منحازة بشكل فاضح لقطر والحلفاء وبالتالي وتحت هذه الضغوطات تراجعت مهنية “الجزيرة” عن أدائها ولم تعد تقدم قراءات مختلفة لما وراء الخبر بشكل منصف ولم تعد تقدم المعلومة بمهنية، وقد لاحظنا توقيف عدة برامج كانت تهتم بالتنوع مثل “الاتجاه المعاكس” وحصة “بلا حدود” وأصبحت تقتصر على بث الأخبار المنحازة وإعادة بثها”. وكان الإعلامي غسان بن جدو، مدير مكتب قناة “الجزيرة” في بيروت، أكد نبأ تقديم استقالته من القناة وقال لدى سؤاله عن أسباب الاستقالة وفقا لما نقلته صحف ومواقع إلكترونية، قال بن جدو إن هناك سقوطا مهنيا مريعا في تغطية القناة وأسلوب تعاملها مع الأحداث إضافة الى قضايا داخلية أخرى لا يستطيع الحديث عنها لأنه يحترم قناة “الجزيرة” وعمل فيها لسنوات طويلة لا تسمح له التشهير بها. بن جدو أكد أن هناك نمطا إداريا سيئا يجب أن يتوقف وقال إن هناك دماءً تسيل (في إشارة الى الثورات العربية واسلوب تغطيتها) كما أن هناك زملاء قتلوا وتم توظيف دمائهم في أمور لا علاقة لها بالمهنة. وأكد بن جدو، حسب مصادر إعلامية، أن قرار الاستقالة يأتي بدافع شخصي، نافيا ما يشاع أنه يرضخ لإملاءات حزبية أو جهات سياسية، مشيرا إلى أن هناك ملاحظات مهنية بحتة تتعلق بالاستقالة متمثلة في خروج القناة عن دورها الإعلامي وتضمين سياستها الاخيرة للتحريض والتعبئة. وتأتي استقالة بن جدو من “الجزيرة” في ظل اتهامات كثيرة طالت القناة خلال تغطيتها للأحداث في المنطقة العربية. وحسب معلومات فإن الاستقالة جاءت بعد الخطة الازدواجية التي اتبعتها “الجزيرة” في تغطية الثورات في العالم العربي، والاقتصار على إثارة الاحتجاجات وتتبع تفاصيلها في دول مثل سوريا وتجنب نقل ما يحدث في البحرين مثلا رغم سقوط ضحايا في هذا البلد. يذكر أن قناة “الجزيرة” قد شهدت مؤخرا العديد من الاستقالات من مذيعين ومراسلين ومدراء مكاتب، ما يضع الخطة التطويرية التي وضعتها شبكة “الجزيرة” التي يديرها وضاح خنفر أمام تحديات تعصف بها. وفي الوقت الذي يقدم مدير مكتب “الجزيرة” استقالته من القناة كان عباس ناصر، مراسل القناة في بيروت أقبل على تقديم استقالته قبل شهور تحت أسباب انحصرت بخلافات دامت بينه وبين بن جدو آلت الى تقديم عباس استقالته من القناة. الى ذلك يشاع في الاوساط الاعلامية حول استقالة جماعية تعد من فريق مكتب “الجزيرة” بدمشق بعد الانتهاء من دراستها، علما أن ضغوطا رسمية تمارس على شؤون مكتب دمشق وقرارا كشف عنه أخيرا تضمن منع مكتب “الجزيرة” بدمشق من القيام بإعداد تقارير سياسية أو اقتصادية كما كان قبل فترة الاحتجاجات التي شهدتها سوريا. ويأتي ذلك بعد خلافات سياسية شدت أوزارها ما بين الدوحةودمشق كشفت أخيرا بتعذر سوريا استقبال ممثلين دبلوماسيين قطريين بدمشق آلت الى مكايدات بين الطرفين وتصعيد إعلامي. وتتضارب الانباء عن استقالة فيصل القاسم (وهو سوري الجنسية) من قناة “الجزيرة” والذي يقدم برنامج “الاتجاه المعاكس“ إزاء تغطية قناة الجزيرة لما يجري بسوريا حيث يعرف عن القاسم قربه ومناصرته للنظام السوري وأجهزته الأمنية والتي تربطه علاقة قوية بهما.