نظم أمس التكتل المستقل للأطباء المقيمين اعتصاما صامتا أمام وزارة الصحة والسكان أطلق عليه “اعتصام الحداد”، تنديدا بممارسات الوصاية المستمرة تجاه المقيمين ومطالبهم، وآخرها “لجنة العقلاء” المنصبة للنظر في ملف الخدمة المدنية التي اقتصر دورها على الحضور الشكلي فقط معتبرا أن الاجتماع الوطني الذي سيعقد نهاية الأسبوع الجاري بتلمسان يتحدد على ضوء نتائجه مصير الإضراب من جهة، والانتخابات التي شرع فيها لقبول أو رفض مقترحات الوزارة بشأن الخدمة المدنية. توافد مئات الأطباء المقيمين صباح أمس أمام مقر وزارة الصحة والسكان لتنظيم اعتصام الحداد الذي أطلق عليه، وهذا رفضا لكل المناورات التي تقوم بها الوصاية تجاه جملة المطالب والانشغالات التي رفعها ولا يزال يتمسك بها أصحاب المآزر البيضاء حتى وإن تم إقرار بعضها وبصفة غير رسمية، منها على سبيل المثال القانون الأساسي الخاص بالطبيب المقيم الذي يبقى مجرد اقتراح فقط دون تجسيده في الميدان، بالإضافة إلى المطالب البيداغوجية الخاصة بإلغاء الامتحانات الإقصائية والتي كان وزير التعليم العالي والبحث العلمي رشيد حراوبية قد أصدر تعليمة وفصل فيها لصالح الأطباء المقيمين لكن تعنت بعض رؤساء اللجان البيداغوجية ورفضهم لها وقف مانعا أمام تطبيقها. وعلى هذا الأساس قال مندوب التكتل المستقل للأطباء المقيمين، الدكتور مروان سيد علي، خلال الاعتصام أمس، في تصريح ل”الفجر”، إن تعنت أصحاب القرار داخل وزارة الصحة لا يزال يصنع الحدث دائما وككل مرة خلال الاجتماعات واللقاءات التي صارت تجمعنا بمسؤوليها، وآخرها اللقاء مع اصطلح على تسميته “لجنة العقلاء” لدراسة مقترحات ومناقشة ملف الخدمة المدنية، حيث اتضح جليا خلال الاجتماع أن اللجنة تم تنصيبها شكليا لأن نتائج الاجتماع كانت مدروسة مسبقا لصالح الوزارة. وجاءت ردود ممثلي البرلمان ومجلس الأمة سلبية وكانت تصب في اتجاه تسييس ملف الخدمة المدنية، إذ منهم من قال “لو أذن لي الرئيس لاستقدمت 300 طبيب من النيجر ومالي”، وآخر قال “إلغاء الخدمة المدنية يجعل الجزائر كالسودان...”، واستغرب مندوب الأطباء المقيمين من هذه التصريحات التي وصفها بالخطيرة ومن نخبة المجتمع. وخلال نفس اللقاء أضاف المتحدث أن وزير الصحة، جمال ولد عباس، وقبل الانتهاء منه فاجأنا بإطلالته من التلفزيون وإطلاقه تصريحات خلال نشرة الثامنة مفادها “أن الخدمة المدنية لن تلغى ودراسة المقترحات التي قدمها الأطباء المقيمون بشأن التحفيزات ستتم دراستها لاحقا”، وهو ما يفسر أن اللقاء ونتائجه كان مدروسا منذ السابق، وبدل أن يجتهد المدعوون للاجتماع وأعضاء اللجنة المختلطة لدراسة ملف الخدمة المدنية وإيجاد بديل لها من أجل ضمان التغطية الصحية الشاملة وتوفير أدوات العمل للطبيب قصد التكفل الأمثل والاستمرارية في العلاج، قام هؤلاء بتغيير لغة الخطاب وإلقاء اللوم على الأطباء المقيمين كونهم رفضوا الخدمة المدنية في المناطق النائية والمعزولة ما يفسر جهلهم التام لها ويعكس تفكيرهم. وحتى الأساتذة الذين أدرجنا أسماءهم في قائمة الحضور للمشاركة في لقاء “لجنة العقلاء” لم يتم استدعاؤهم من طرف الوزارة على خلفية علمها السابق بأن هؤلاء من أكدوا فشل النظام الحالي بسبب غياب الإمكانيات المادية والبشرية للطبيب المقيم. وأعلن ذات المتحدث أن التكتل المستقل للأطباء المقيمين سيعقد اجتماعا وطنيا نهاية الأسبوع بولاية تلمسان، وعلى ضوء نتائجه يتحدد مصير الإضراب من جهة، وقبول أو رفض مقترح الخدمة المدنية ودراسة التحفيزات، وهو الموقف الصادر من وزارة الصحة. تبقى الإشارة إلى أن اعتصام الحداد الذي قام به صباح أمس مئات الأطباء المقيمين استعمل فيه أصحاب المآزر البيضاء مطريات، وشارات وحتى قبعات سوداء اللون دلالة على الحزن العميق الذي خلفته نتائج لقاء لجنة “العقلاء”.