يقول خبراء الشؤون الاقتصادية ومتتبعو ملف الشراكة الفرنسية - الجزائرية، إن تحركات الرئيس الفرنسي ساركوزي، من خلال ممثله، جون بيار رافاران، في التفاوض مع الجزائر حول مستقبل 12 ملفا مطروحا للشراكة، دليل على فقدان السيطرة والنفوذ وكذا فقدان كلمة “الآمر الناهي” في أي مخطط جزائري، بعد أن فتحت هذه الأخيرة أبوابها للمنافسة الدولية خسرت فرنسا في تعاملاتها مع الجزائر نحو 30 بالمئة، وتراجعت مكانتها من “المتحكم” في السوق إلى “مناور ومنافس” يبحث عن مكانته في السوق الجزائرية، لاسيما أن ميناء مرسيليا خسر نحو 50 بالمئة من المبادلات التجارية مع الجزائر في ظرف 6 أشهر بعد صدور قانون المالية التكميلي لسنة 2009. كما يؤكد الخبراء أن مساعي فرنسا من خلال طرحها ل 12 ملفا تتم مناقشته حاليا، يقول وزير الصناعة، بن مرادي، إن 90 بالمئة منها قد تمت معالجتها، لن تأت بالجديد، ولن تضمن لفرنسا السيطرة على السوق الجزائرية مجددا، لأن المنافسة الأجنبية مفتوحة، وقد تجلت صورة ذلك في كعكة المشاريع الكبرى التي أُسندت مهام إنجازها لشركات أمريكية، تركية، ألمانية، إيطالية.. فيما غابت فرنسا عن أهم المشاريع، لاسيما في قطاع الأشغال العمومية، أين نجد السيطرة الصينية واليابانية من آسيا، والإمارات ومصر والسعودية من العرب، وبدرجة أقل ألمانيا، إيطاليا وإسبانيا من أوروبا، وهي تهتم أكثر بجانب الطاقات المتجددة من الكهرباء إلى الطاقة الشمسية، شأنها شأن واشنطن التي تضغط بقوة على حصص المحروقات والتنقيب، كما تحاول السيطرة على كل المشاريع الضخمة من دون توطين الإنتاج ولا حتى تسويق منتجاتها بالجزائر عبر وحدات وفروع تمثلها رسميا. الصين تُقعد فرنسا مقعد المنافس فقط وتقول مصادر على اطلاع بهذه الملفات، وتتابع متغيرات سوق التعاملات مع الأجانب، إن ما يحدث مع فرنسا، هو جزء من الماضي، أي أن فرنسا لاتزال تظن أنها مستعمر سياسي واقتصادي للجزائر، ولابد من استشارتها في كل كبيرة وصغيرة، وأن تقوم بتقسيم كعكات المشاريع والمخططات الخماسية، لكنها تناست نضج الجزائر، ولم تعترف لحد الآن بذلك من الناحية الاقتصادية، تضيف مصادرنا، بل ربطت مصيرنا اقتصاديا بمصيرها، بالنظر إلى قوة التعاملات سابقا وقوة الجالية الجزائرية المتواجدة بفرنسا، وكذا وجود 9 آلاف شركة فرنسية تتعامل مع الجزائر، منها 300 شركة فقط تنشط في الجزائر، والبقية تتعامل معها من الخارج، ومن دون تسجيل أي مشروع صناعي فرنسي بالجزائر، ينتج 100 بالمئة. وأمام تراجع مستوى فرنسا حتى في أوروبا، تقول مصادرنا، لجأت الجزائر إلى رواد الاقتصاد العالمي، طمعا في كسب التجربة والتحويل التكنولوجي، ولقد استفادت كثيرا من تجربة واشنطن، كندا، ألمانيا، إيطاليا والصين، بالرغم من أن هذه الأخيرة تصدر لنا نفايات السلع المنتجة لديها، إلا أن ذلك لا يمانع “أن نقول إنها ساهمت في إنعاش السوق الجزائرية، وأفادت كثيرا الطبقة الفقيرة، وأزاحت فرنسا من موقعها القوي، وأقعدتها مقعد المنافس كباقي الدول”. وتؤكد ذات المصادر أن لعبة الاقتصاد والتسويق تستدعي التعامل بالمثل، أي من يخطو إليك خطوة تخطو إليه باثنتين.. والعكس.