أكد كاتب الدولة الفرنسي المكلف بالتجارة الخارجية السيد بيار لولوش أمس أن الجزائر تتوفر على كل المؤهلات لتكون أكبر سوق على مستوى شمال إفريقيا وأن استقرارها وتطورها من مصلحة كل المنطقة المتوسطية، ودعا المؤسسات الفرنسية إلى استغلال الفرص الثمينة المتاحة بالجزائر من خلال إقامة علاقات تعاون وشراكة اقتصادية متينة مع نظيراتها الجزائرية، من أجل رفع حصتها في السوق الجزائرية التي تعرف منافسة قوية من قبل المؤسسات الصينية والتركية. وفيما اعتبر المسؤول الفرنسي خلال افتتاح منتدى الشراكة الجزائر-الفرنسي بفندق الهيلتون بالجزائر أنه من مصلحة العلاقات الجزائرية الفرنسية ترك النظر إلى الماضي والعمل باتجاه تطوير هذه العلاقات وبناء مستقبل متين لها، وصف الحضور القوي للمتعاملين الجزائريين والفرنسيين في المنتدى بالمثال الحي على التضامن القوي القائم بين البلدين، مشيرا إلى أن حصة المؤسسات الفرنسية في السوق الجزائرية تراجعت من 25 بالمائة خلال السنوات الماضية إلى 15 بالمائة حاليا، مؤكدا في مخاطبته ممثلي 700 مؤسسة فرنسية وجزائرية الحاضرين في اللقاء، بأن ''المكانة المحفوظة'' -في إشارة إلى أن المكانة الخاصة والمضمونة للمؤسسات الفرنسية- لا تعد سوى وهم في ظل المنافسة القوية التي أصبحت تميز السوق الجزائرية ولا سيماالدخول القوي للمؤسسات الصينية والتركية، وأشار السيد لولوش في هذا الصدد إلى أن عدد الرعايا الصينيين في الجزائر يتعدى بأضعاف عدد الفرنسيين بها، معتبرا أنه بإمكان البلدين بذل المزيد من الجهد من اجل رفع مستوى تعاونهما وشراكتهما لتكون في المستوى المطلوب. وبالمناسبة ذكر المتحدث بأن عدد المؤسسات الفرنسية الموجودة بالجزائر حاليا يقدر ب450 مؤسسة تمثل حجما استثماريا يتعدى 5,2 مليار أورو، مبرزا في نفس السياق أهمية الجهود التي تبذلها السلطات الجزائرية من اجل دفع النمو الاقتصادي، ولا سيما من خلال البرنامح الخماسي، الذي يعتبره المتحدث من أضخم البرامج الاستثمارية العمومية على المستوى العالمي، غير انه اعتبر في المقابل أن الجزائر بحاجة إلى إطار قانوني مستقر وواضح لتشجيع الاستثمارات الاجنبية المباشرة. وجدد في نفس الإطار التزام فرنسا بالوقوف إلى جانب الجزائر في معركتها من أجل بناء اقتصاد قوي ومنتج، وذلك في إطار شراكة تعود بالمنفعة على الطرفين وعلى المنطقة المتوسطية برمتها، مشيدا بالمناسبة بالمساعدة التي قدمتها الجزائر لتونس والمقدرة ب100 مليون دولار والتي اعتبرها ''إشارة قوية من الجزائر، جديرة بالتنويه''. من جهته أبرز السيد جان بيار رافاران نائب مجلس الشيوخ الفرنسي والوزير الاول الفرنسي السابق أهمية المحور الاجتماعي في الجهود التي يبذلها الطرفان الجزائري والفرنسي من أجل ترقية شراكتهما الاقتصادية، مؤكدا بأن الهدف الرئيسي من دفع ديناميكية الاستثمار والشراكة بين البلدين هو توفير مناصب الشغل وتحقيق الاستقرار الاجتماعي. وبعد أن اعتبر تحقيق هذا الهدف استراتيجية مشتركة بين البلدين أكد السيد رافاران أن القارتين الأوربية والإفريقية بحاجة إلى بعضهما البعض والعلاقات الجزائرية الفرنسية تعتبر همزة وصل في الترابط بين القارتين. واغتنم المتحدث الفرصة للتعبير عن ارتياحه لتقدم المباحثات الجارية بين البلدين حول 12 ملفا اقتصاديا مطروحا للشراكة، واعتبر بأن تقدم هذه الملفات يؤكد وجود مناخ جديد للأعمال في الجزائر، مذكرا بأن الأمر يتعلق بمشاريع كبيرة مهيكلة من شأنها إنشاء فروع صناعية للشراكة في عدة مجالات. وبدوره اعتبر وزير الصناعة والمؤسسات المتوسطة والصغيرة وترقية الاستثمار السيد محمد بن مرادي أن المشاركة القوية للمتعاملين الاقتصاديين الجزائريين والفرنسيين في منتدى الشراكة، إشارة إيجابية بالنسبة لآفاق التعاون بين البلدين، مشيدا بالحصيلة التي حققتها لجنة المتابعة لتطوير الشراكة والمشاريع الاستثمارية الجزائرية الفرنسية التي تم تشكيلها في سبتمبر 2010 لبعث التعاون الاقتصادي بين البلدين. وأشار المتحدث في هذا الصدد إلى أن هذه المتابعة سمحت بتجسيد عدد من مشاريع الشراكة وتشجيع عدد من المؤسسات الفرنسية الهامة على الاستقرار في الجزائر، مبرزا بالمناسبة أهمية الجهود التي تبذلها الدولة الجزائرية من اجل ترقية محيط الأعمال وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر. وبعد أن ذكر بأن منتدى الشراكة الاقتصادي الجزائري الفرنسي يتزامن مع حدثين هامين، يرتبط الاول بنهاية مرحلة تقييم البلدين للملفات ال12 التي تخص الاستثمار المطروحة للتباحث، بينما يتعلق الثاني بافتتاح معرض الجزائر الدولي الذي يفتتح غدا الأربعاء، أكد السيد بن مرادي بأن هذا المنتدى جاء ليعطي نفسا جديدا للعلاقات الاقتصادية الجزائرية الفرنسية، مشيرا إلى أن كل فرص الشراكة التي ستحدد خلال هذا اللقاء ستحظى بمتابعة من قبل الحكومة الجزائرية. وفي مداخلته اعتبر وزير التجارة السيد مصطفى بن بادة أن حجم المبادلات التجارية بين الجزائروفرنسا تبقى دون التطلعات والجهود المبذولة من قبل البلدين من أجل تطويرها، مؤكدا حاجة الجزائر التي تمكنت في السنوات الأخيرة من خلق سياسية منسجمة بين الدولة والسوق، تحتاج اليوم إلى شراكة مستدامة. كما أبرز من جهته سعي الجزائر الدائم إلى توفير محيط أعمال مناسب وتشجيع الاستثمار ودعم الهياكل القاعدية، مشيرا إلى حاجتها أيضا لتنويع الاستثمارات خارج المحروقات ومضاعفة الاستثمارات الاجنبية المباشرة، وكذا إلى شريك دائم يرافقها في مسار بناء اقتصاد قوي ومنتج خارج المحروقات. وعقب تذكيره بأن فرنسا تعتبر أول ممون للجزائر ب6 ملايير دولار وزبونها الرابع ب5,4 مليار دولار، شدد السيد بن بادة على ضرورة أن تنتقل الشراكة القائمة بين البلدين من الإطار التجاري إلى إطار تحويل حقيقي للمعرفة والتكنولوجيا وإلى تنويعها وجعلها القاطرة التي تقود العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مشيدا بمشروع المرافقة التقنية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي أعلن عنه كاتب الدولة الفرنسي للتجارة الخارجية في كلمته الافتتاحية، مذكرا بالمناسبة بالنتائج الإيجابية للبرنامج الجزائري الفرنسي ''أوبتيم-اكسبور'' الذي يتمثل في مرافقة المؤسسات الجزائرية الرائدة في تصدير منتجاتها نحو السوق الأوروبية. للإشارة يعرف هذا المنتدى الاقتصادي الاول من نوعه بين المتعاملين الجزائريين والفرنسيين مشاركة أكثر من 700 مؤسسة منها 160 مؤسسة فرنسية وأزيد من 540 مؤسسة جزائرية.