بهيّة راشدي، شخصية كنت دائما أحترمها، ليس فقط على الأدوار القيمة التي تقدمها، بل أيضا لأنها وجه يمثل جيلا من الفنانين لم يلوثه النفاق السياسي، جيلا كان يقود المجتمع الجزائري على طريق العصرنة والرقي، مع الحفاظ على مقومات الهوية من عروبة وأمازيغية وإسلام، وكنت أرى فيها نموذجا يليق أن تقتدى به النساء الجزائريات، لكن تصريحها الأخير جعلني أصدم فيها، ليس لأنها قالت بأنها سترتدي الحجاب فهذا خيار لا أناقشه، وإنما أقصد توقيت القرار... لماذا الآن؟ هل لأنها كبرت في السن وشحّت عنها عروض العمل؟ أم أنها تأثرت بمثيلاتها المصريات، مثل شهيرة أو شمس البارودي التي قالت "أنا فنانة قاطعوا فني"، أو سهير البابلي التي قابلتها سنة 1987، وقالت لي إنها تأكدت أن التمثيل حرام وقررت الاعتزال، فأجبتها حينها، بعفويتي المعهودة "مادمت تأكدت أن التمثيل حرام، لماذا لا تتوقفين الآن وتنتظرين سنتين أخرى؟؟" فرمقتني البابلي بنظرة حادة، ربما لأنها لم تتعود على نبرة الصراحة من جمهورها المصري. نفس الشيء أقوله للمحترمة بهيّة راشدي، لماذا لم تتوقفي منذ سنوات وتتحجبي؟ وإذا كان اعتزالك نابعا من وازع ديني، هل يحق لك أن تعيشي من كسب حرام؟ أليس هذا عين النفاق؟ لا بل هو النفاق بعينه ورجله ولسانه، والسيدة هدمت بهذا التصريح كل ما بنته من حولها من احترام لدى الناس، فهي بهذا شككت في رسالتها الفنية، وفي الرسالة الفنية على الإطلاق، فالتمثيل يا سيدتي ليس فيه ما يعيبه، وارتداء الحجاب لا يتعارض مع الفن في شيء. ربما أرادت السيدة بهيّة، بهذا الكلام أن تصنع الحدث، في غياب مشاريع فنية حولها، وأمام الجمود الذي تعيشه الساحة الثقافية!؟ آسفة سيدتي.. خرجتك هذه قديمة وسبقتك إليها عشرات من الفنانات العربيات، وجدن في قضية ارتداء الحجاب مخرجا لهن بعدما تجاوزهن قطار الزمن، وكان حريّا بهن تقبل الأمر الواقع.