في سابقة تاريخية لم تشهدها الجزائر من قبل، يقول الخبراء، إنها تعرضت لتقلص نشاط المبادلات التجارية مع العرب وآسيا، بفعل ما يدور من ثورات شعبية أعلنت انسحاب عدد من الأجانب من الأسواق العربية وعدم إدراجها ضمن أجندتها خلال الخماسي القادم تعطل عدد من المشاريع والاتفاقيات الثنائية مع تونس ومصر وليبيا تتقمص الجزائر حاليا دور الملاحظ عن بعد لمتغيرات السوق الدولية، وتتابع ما يجري لدى العرب من ثورات شعبية أقلبت الموازين، وحادت عن طريق البرامج المسطرة اقتصاديا، وأدت إلى تقلص مبادلات الجزائر مع العرب وآسيا، لاسيما على مستوى المبادلات التجارية بالنقل البحري، وظهور أزمة قراصنة الصومال أيضا، التي حدّت من حجم التعاملات بين القارتين الآسيوية والإفريقية بنسبة تقترب من 50 بالمئة، والجزائر من بين المتضررين بنسب متفاوتة مع دول القارتين، حيث تأثرت كثيرا في المبادلات مع الصين، التي أعلنت مؤخرا عن تغيير سياستها الخارجية في مجال الاستثمارات، والتحول إلى أسواق آسيا وأوروبا الغربية عوض إفريقيا، لما تشهده القارة من ثورات وعدم استقرار، وكذا الحال مع العرب، الذين يعانون من سقوط الأنظمة، وبالتالي تغير التعاملات وإعادة بناء العلاقات في كل مرة، مع احتمال إسقاط عدد من الاتفاقيات والمشاريع قيد الإنجاز أو في طور الدراسة، وذلك ما يؤرق الجزائر في علاقاتها الثنائية. ولقد تعطل مشروع الجزائر - تونس، حول نفط البحر وكذا الاتفاقيات التفاضلية الثنائية، كما تعطلت مشاريع الجزائر - مصر، وتقلصت المبادلات بينهما بنسبة 60 بالمئة، بسبب ما حدث بعد مباراة السدّ للتأهل لنهائيات كأس العالم في السودان، وكذا مخلفات سقوط نظام مبارك وتجديد العهد مع النظام القادم، وتوقف نشاط سوناطراك بليبيا مؤقتا، بسبب ما يحدث هناك، فضلا عن تراجع التعاملات مع سوريا حاليا ودول الخليج التي تشهد ثورات داخلية، أفرزت مؤقتا خسائر في التعاملات التجارية تتجاوز 300 مليار دولار، ناجمة عن تعطل مشاريع وتقلص المبادلات والاستثمارات الأجنبية في البلدان العربية منذ جانفي الفارط، إلى جانب توقف نشاط عدة شركات صينية، أمريكية، وأوروبية، ومنها العربية أيضا، في سوق تضم 300 مليون نسمة، مستهدفة بقوة من قبل، لكنها اليوم تمر بفترة فراغ، وتنتظر مستجدات الضغوط الدولية من الناحية الجيوسياسية، وما ستحمله الانقلابات وتطورات الوضع الأمني في المنطقة من ميول إلى أطراف الزعامة، خصوصا بعد أن أقرت الصين، التي كانت أهم زبون ومتعامل مع إفريقيا ب2000 شركة، بتراجع اهتماماتها بهذه الأسواق، بعد أن سجلت شركاتها خسائر ضخمة، لاسيما في قطاع التأمينات، ويبدو أن دراسات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، القائلة بأن ”إفريقيا اقتصاد ناشئ سيكون له وزن مع القوى القادمة، من الصين إلى البرازيل والهند”، قد تبخرت نتائجها مؤقتا، يقول المختصين في التجارة العالمية، بسبب مخلفات الثورات وانعكاساتها الاقتصادية والتجارية، ويضيف هؤلاء، أن وقوف عدد من الدول العربية، منها الجزائر، موقف الملاحظ الدولي في هذه المتغيرات، سيؤثر عليها سلبا ويبقيها في مسار التبعية للخارج، كون إفرازات الثورات ستكون لصالح قوى دولية دون أخرى، وتدخل ضمن صراع تجديد الاستحواذ والهيمنة على الدول النامية.