من المواقف المخزية في الوطن العربي إزاء ما يجري فيه من أحداث يشيب لهولها الولدان، ما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا! فليبيا التي تتوسط دولتين كبيرتين في الوطن العربي هما مصر والجزائر يجري فيها ما يجري والمصريون والجزائريون لا يعنيهم أمر ما يجري إلى حد أن إمارة مجهرية مثل قطر أصبح لها صوت في أحداث ليبيا يزن مصر والجزائر مجتمعتين ويزيد عنهما! عندما كان العرب يشبهون العرب في السبعينيات تدخلت سوريا في لبنان وفي تل الزعتر لفك الاقتتال بين اللبنانيين والفلسطينيين.. لأن لبنان في خاصرة سوريا جغرافيا.. تماما مثلما هي ليبيا في خاصرتي مصر والجزائر! عندما اقتتل اليمنيون في الستينيات في حرب أهلية تدخل عبد الناصر لفك الاقتتال بما يسمى بحرب اليمن.. لأن اليمن أيضا مثل ليبيا تقع في خاصرتي دولتين كبيرتين هما مصر والسعودية! والآن تلتهب الأمور في سوريا.. ولأنها تقع في خاصرة تركيا جاز لتركيا أن تنشغل بما يجري في سوريا أكثر من انشغال مصر والسعودية بالشأن السوري.. لأن مصر والسعودية تحولتا إلى دولتين عاديتين اهتمامهما بالشأن العربي لا يتعدى نقل وزير خارجية هذا البلد إلى كرسي الجامعة العربية.. أما إطفاء الحرائق الملتهبة في الوطن العربي فلا يهم كبار الجامعة العربية ومواقفهم مما يحدث فلا تتعدى مواقف الصومال وموريتانيا وجزر موريس! ومن المضحكات الجزائرية المصرية في الموقف من الشأن الليبي هو الخبر الذي نشر باحتشام ربما خوفا من قطر العظيمة أو خوفا من ساركوزي محرر ليبيا! ويقول هذا الخبر: إن مصر والجزائر تعملان على إطلاق مبادرة لحل أزمة ليبيا! صح النوم يا مصريين ويا جزائريين.. أبعد خراب مالطة ومعها ليبيا أيضا؟! عندما تقاتل الملك الأردني حسين مع الفلسطينيين في سبتمر الأسود سنة 1970 قام عبد الناصر باستدعاء الطرفين إلى القاهرة ومات من الحسرة على ما حدث.. وعندما ارتكب السادات كارثة الحرب مع ليبيا طار بومدين إلى السادات وقال له: إما أن توقف الحرب وإلا ستجدني أمامك على الجبهة الأخرى! مثل هذه المواقف لم تعد موجودة في الوطن العربي لأن العرب لم يعد بينهم الكبار الذين يتخذون المواقف.. لهذا أصبح للأقزام في الدول المجهرية صولات وجولات في السياسة والعمالة والولاء ويفتخرون بذلك! وأصبح قمع الشعوب من طرف حكام الزور والتزوير وطنية وحرية والعمالة للخارج هي أيضا وطنية! وأصبحت الشعوب العربية إما أن تختار العملاء المعلنين باسم الديمقراطية أو العملاء المستترين باسم الديكتاتورية الوطنية!؟