يبدو أن الشعب المصري الشقيق قد دخل بثورته مرحلة حرجة.. فقد تخلص الشعب المصري بثورته من الواجهة المدنية المافياوية المالية السياسية ويواجه الآن بجدية النواة الصلبة للنظام والتي تريد أن تغير ولا تتغير؟! منذ شهور قلنا: إن الهوشة السياسية التي وقعت بين المدنيين والعسكريين في النظام المصري انتصر فيها العسكريون على المدنيين بالاستعانة بالشعب تماما مثلما حدث عندنا هذا الأمر في 5 أكتوبر 1988.. وقلنا: إن النظام المصري في نواته الصلبة وهي المؤسسة العسكرية يمكن أن تغير الواجهة ولكنها قد لا تذهب إلى حد تغيير النظام! والصراع الجاري حاليا بين فعاليات ميدان التحرير في القاهرة والمجلس العسكري يدل على أن مصر مقبلة على قلاقل قد تكون أسوأ من التي مرت بها الجزائر! وصحيح أن ما قد يحصل في مصر قد لا يصل إلى مستوى العنف الذي حدث في الجزائر.. لكن الآثار الاقتصادية والاجتماعية للصراعات المحتملة في مصر قد تلحق بمصر الشقيقة أضرارا كبيرة هي في غنى عنها..! وعندما يقول الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري في مصر إن المجلس يدرس مسألة اللجوء إلى كل الخيارات.. فهذا يعني أن ما سقط في مصر ليس النظام بل سقط قناع النظام فقط! فما تزال الكلمة الأولى والأخيرة في مصر للجيش.. والجيش وحده.. ولا يمكن أن يطمع الشعب في إمكانية بسط نفوذه السياسي التنظيمي على الحياة السياسية في البلاد! صحيح أن الثورة في مصر فتحت للشعب نافذة قد يكون من الصعب غلقها بالقوة أو حتى بالمراوغة.. لكن ثقة المصريين في جيشهم لا حدود لها.. وهذه الثقة قد تستخدم لتجديد النظام وليس تغييره! ما يدل على أن بقايا النظام ونواته الصلبة لا تريد التغيير الجذري للأمور في مصر بل تريد إعادة ترتيب الأمور على نحو آخر فقط.. هو إطالة عمر المرحلة الانتقالية وتأخير الانتخابات التأسيسية على الانتخابات البرلمانية! ومعنى هذا الكلام أن المؤسسة العسكرية لا تريد للشعب أن يضع هو بنفسه دستوره ويبني على أساسه مؤسساته.. بل يريد العسكر إعطاء الشعب دستورا وفق مقاسات خاصة! تماما مثلما تفعل الملكيات والإمارات العربية بالشعب العربي.. حيث يمنح الملك أو الأمير دستورا للشعب تفضلا منه عليه ويقول له شعبي العزيز هاك الدستور وفق مواصفاتي أنا! قد تكون مصر فلتت من كارثة الجمهوريات الوراثية لكنها قد تقع في منطق مصر يحكمها ملك جماعي اسمه المجلس العسكري للجيش.. ولذلك قد تبقى مصر أسيرة التوترات حتى يستقر الحكم "للملك الجماعي" الذي حكم مصر منذ 60 سنة بواجهات عديدة آخرها واجهة مبارك!