اعتبر الخبير الاستراتيجي بمركز الدراسات ''نومورا'' بلندن، أن احتمالات انهيار النظام السياسي في مصر نتيجة الاحتجاجات الشعبية تبقى ضئيلة، إلا أن انعكاسات هذه الأخيرة هامة، بالنظر إلى ما تشهده الأسواق المالية بمصر. ويشير الخبير في تقييمه المشترك مع كل من الخبيرين في المركز ''آن ويمان'' وإيكارو ريبوليدو'' التي وجهت ل''الخبر''، إلى أن ''الاحتجاجات في مصر ليست جديدة، فقد سجلت حركات مماثلة في 2008 على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ولكن الجديد يكمن في بروز مطالب برحيل الرئيس مبارك وحتى ذهاب النظام السياسي ككل''. واعتبر الخبير ''حركة الاحتجاج التي تعرف اتساعا تتطلب مجهودات مضاعفة لاستخدام القوة أو توسيع حدود الحريات المدنية أو الاثنين معا، إلا أن هذا الأمر يمكن أن يؤثر على حركة الاستثمارات الأجنبية، ما سيؤثر بصورة أكبر على السوق المصري''. وشدد الخبير على أن مصر لا يمكن أن تكون تونس رغم وجود نقاط تشابه، بما في ذلك العوامل الديمغرافية والتضخم، خاصة بالنسبة للمواد الغذائية ونقاط الظل حول المسار الانتخابي، إلا أن هناك تباينا واختلافا أيضا. ولاحظ الخبير ''على الرغم من أن التقارير في الغرب تجعل الأمر عاديا، فإن التذمر كبير لدى الطبقات الوسطى خاصة في المدن، فهؤلاء يعبّرون عن خيبة أملهم من النظام، بالمقابل، ففي الوقت الذي كان موقف المؤسسة العسكرية واضحا في تونس مع التخلي عن النظام، فإن الوضع مختلف في مصر، رغم أن إمكانية البحث عن مرحلة انتقالية منظمة يتيح بروز احتمال التغيير إذا اقتضى الأمر ذلك. في نفس السياق، يعتقد الخبير أنه في الوقت الذي وجدت القوى الغربية ''الولايات المتحدة وأوروبا'' فرصة للتموقع للإبقاء على مصالحها في تونس، فإن هذه القوى حاليا لا ترغب في سيناريو انهيار عشوائي للنظام السياسي في مصر، لأن مثل هذا السيناريو يمكن أن يفقدها حليفا هاما في المنطقة، الذي يعتبر لديهم كعنصر استقرار وسلم في المنطقة، وعليه فإن البديل هو الضغط على النظام لتوسيع دائرة احترام حقوق الإنسان واتخاذ قرارات لفائدة مختلف الفئات للتخفيف من الأزمات. بالمقابل يرى الخبير أن التغيير مع ذلك قائم على المدى المنظور، خاصة وأن هنالك موعدا قريبا للانتخابات الرئاسية يعتبر حاسما وهاما في مسار التغيير، معتبرا أنه قبل الاحتجاجات كان التوجه هو دعوة الرئيس مبارك إلى إعادة ترشيحه، وبالتالي كان له حظوظ كبيرة للفوز، لكن هذه الأحداث قد تدفعه إلى تعديل موقفه، مع احتمالات إحداث تغييرات على بنية النظام وتخفيف حدة الضغوط، ولكن هذه المساعي يمكن أن تؤدي أيضا إلى مضاعفات سلبية من قبيل بروز مطالب جديدة واحتجاجات أيضا. وعليه فإن أي خيار سيتخذ بعد عودة الهدوء فعليا إلى الشارع المصري، بما في ذلك خلافة جمال مبارك لوالده، ويكون جمال مبارك أول مدني يعتلي السلطة منذ ثورة 1952، إلا أن السؤال سيطرح حول رد فعل المؤسسة العسكرية ومصالح الاستعلامات التي يتزعمها الجنرال عمر سليمان الذي يمكن أن يكون أيضا مرشحا للنظام، في وقت تحاول أطراف في المعارضة إعادة إبراز اسم محمد البرادعي إلى الواجهة.