إدارة المستشفى اقتنت على الورق ما هو متوفر بالمؤسسة تواصل فصيلة الأبحاث والتحري التابعة لمصالح الدرك الوطني لأم البواقي تحقيقاتها فيما أصبح يعرف وسط الرأي العام المحلي بقضية “ابن سينا”، حيث وبعد معالجتها لسلسلة من ملفات الفساد تخص سوء التسيير داخل المؤسسة، من خلال الاستماع إلى العديد من الأطراف، والتي قد تكون على صلة مباشرة وغير مباشرة لا سيما المدير والمديرة الفرعية للوسائل والمالية. وفي هذا السياق، أسرت مصادر أمنية ل”الفجر”، بأن الدرك الوطني يحقق هذه الأيام حول تجاوزات يحتمل وقوعها خلال تكريم أزيد من 120 موظفة بمناسبة عيد المرأة، وذلك بصرف أموال من حساب المؤسسة الاستشفائية، والتي من المفروض أن تكون من حساب لجنة الخدمات الاجتماعية وليس العكس، وكذلك التضخيم في الفواتير أثناء تسليم جوائز في الواقع هي عبارة عن أطقم أوان وقارورات عطر، وكذا ورود، بينما على الورق هي هدايا ثمينة وذات قيمة. “الفجر” سبق لها أن تعرضت بالتفصيل في أعدادها السابقة للعديد من مراحل التحقيق، فقبل أيام قام والي ولاية أم البواقي بترؤس مجلس الإدارة الخاص بالمستشفى وخرج هذا الأخير بتوصيات هامة، كان على رأسها تجميد جانب من الميزانية لاسيما العنوان رقم 6 الخاص باقتناء العتاد والتجهيزات الطبية، والعنوان رقم 7 الخاص بصيانة الهياكل الصحية. من جهتها قامت مديرية الصحة والسكان برفع تقرير حمل العديد من التجاوزات إلى الوزارة الوصية، ويبقى قرار إعفاء المدير من مهامه من صلب اختصاص الوزارة، وسبق هذا قدوم لجنة تحقيق مكونة من أربعة إطارات بينهم سيدة من المفتشية الجهوية لولاية ڤالمة، بحث جملة من التجاوزات، بينها سندات طلب خاصة بالمشاريع والأشغال المنجزة داخل المؤسسة، وكذا المخبر الذي هدم وأعيد بناؤه، والعتاد الطبي وطريقة اقتنائه. أما أولى مراحل التحقيق فجاءت إثر رسالة مجهولة المصدر مفادها أن المؤسسة تشهد تسييرا كارثيا وفوضى عارمة وفضائح لا تكاد تنتهي، فالديون التي تراكمت على عاتق المؤسسة بلغت حسب مصادرنا 28 مليار سنتيم، فأشغال البناء الطلاء والهدم وإعادة البناء وكذا اقتناء تجهيزات ومستلزمات بالملايير، المؤسسة في غنى عنها، نالت حصة الأسد من ال28 مليار ديون الواجبة دفعها، ما جعل الشكوك تحوم حول شبهة القيام بأشغال هي في الأصل قائمة وكذا التضخيم في الفواتير، هذا مع العلم أنه لم يمر على تدشينها سوى قرابة العام أي بتاريخ 17 مارس 2010 وعملية ترميمها وتجهيزها بشكل كامل من قبل مديرية الصحة والسكان كلفت مبلغ 11 مليارا، أي أن الإدارة الحالية تسلمت المؤسسة وهي في حالة جيدة، لكن هذه الأخيرة قامت بإنشاء وبناء ما هو منشأ من خلال هدمه واقتناء ما هو موجود. مصادرنا فصلت في كيفية تراكم هاته الديون على عاتق المؤسسة، فمثلا السور المحيط بالمستشفى من الجهة الغربية قامت الإدارة الحالية بتكليف إحدى المقاولات بطلائه ودعمه بسياج حديدي بمبلغ مالي معتبر، وبعد مدة قصيرة كلفت إحدى المقاولات بهدمه وإقامة سور آخر بدلا منه، رغم أن السور السابق كان في حالة جيدة ولا يستدعي الأمر هدمه، والأمر ذاته بالنسبة لمخبر التحاليل الطبية، فقد تم استلامه مجهزا وفي حالة جيدة لكن المؤسسة قررت تكليف إحدى المقاولات بهدم مرافقه وإعادة تأهيله وتجهيزه، بالإضافة إلى أحد أجنحة بهو الاستقبال التي كلفت مبالغ معتبرة رغم أن الأشغال بها كانت ثانوية وبسيطة للغاية، نزع صفائح مادة الزفت الخاصة بمصلحة حفظ الجثث ووضع أخرى بدلا عنها رغم أنها لا تعاني من التسربات، أما مخزن المستشفى فقد بلغ درجة كبيرة من التشبع، حيث يتم اقتناء ما هو موجود ومتوفر به وبكميات كبيرة مثل عتاد البياضة الخاص بأعوان الأمن والوقاية، متوفر وبأكوام ضخمة، أجهزة قياس ضغط القلب حيث يكلف كل واحد مبلغ 19 مليون سنتيم، الأسرّة المتحركة، تجهيزات المخبر، آلة ضخ الدم، الحقن الكهربائية، جهاز التنفس المتنقل، آلات التطهير الخاصة بمصلحة الأسنان... وهي جزء بسيط مما اقتنته إدارة المستشفى وهو في الأصل متوفر، وكذلك بالنسبة لمواد التنظيف والمواد المكتبية، أما تموين المستشفى بالمواد الغذائية من الخضر والفواكه واللحوم فهذا يتم من خلال صفقات مشبوهة وإمضاء سندات طلب غير قانونية لا تتماشى مع قانون الصفقات العمومية وهذا دون الرجوع إلى المقتصدة والتي من المفروض أن تؤشر عليها.