أجمع خبراء الاقتصاد والمختصين في المالية، على أن الجزائر قد تخسر المال العام المودع في البنوك والخزائن الأمريكية والأوروبية، وأنها رهينة "قمار البورصات"، لا سيما وأنهم أكدوا أن أرقام احتياطي الصرف المقدمة من طرف بنك الجزائر تحمل مغالطات لما هو موجود بالخارج، موضحين أن الحل في تجاوز التبعية يكون بشراء الذهب، بدل الرهان على الدولار، والاكتفاء بفوائد السندات "احتياطي الصرف بين قمار البورصات والأرقام الكاذبة وحل شراء الذهب" الخبير مبتول "لدي 3 أسئلة موجهة للدولة وأريد توضيحات عن المغالطات الموجودة" الأزمات السياسية قد تطيح باحتياطي الصرف مثلما حدث مع تونس ومصر وليبيا طرح خبير الشؤون الاقتصادية، عبد الرحمان مبتول، وهو متابع لملفات الاقتصاد الوطني، ثلاثة أسئلة وجهها إلى الدولة، وأكد رغبته في وضع حد لبعض المغالطات لدى إعلان الأرقام حول احتياطي الصرف، وإيضاح الإيجابي من السلبي في جلسات نقاش تجمع كافة الفاعلين في الميدان. في تصريح لنا، أمس، قال الخبير "إن أسئلتي موجهة إلى الدولة، وتخص نسبة الفائدة الحقيقية من احتياطات الصرف المودعة في البنوك والخزائن الأمريكية والأوروبية، وكيف نستفيد منها، وكذا سؤال عن مدة الإيداع، فيما إذا كانت الأموال الجزائرية مودعة على مستوى هذه الخزائن في آجال المدى القصير، أو المتوسط أو الطويل، وماذا لو عن تأثير التضخم في نسب صرف الاحتياط وعلاقة ذلك باضطرابات الدولار"، مضيفا في تصريحه "إن الحل في شراء الذهب، وليس في اقتناء سندات الخزينة الأمريكية، وتداول احتياطي الصرف في البورصات، على شكل قمار، إما تربح وإما تخسر، ولكن لو تم شراء الذهب عندما كان مثلا عند 800 دولار للأونصة، لكنا اليوم قد ربحنا الضعف، عندما بلغ سعر الذهب 1630 دولارا للأونصة. ومهما كان، فإن احتياطي الذهب لن يتأثر ولن يضطرب مثل سندات البورصات، وإلا فكيف نجحت الجزائر في فترة السبعينيات في ضمان تداول السيولة وحماية الاقتصاد الوطني، وهي العقلية التي رسخت حتى لدى كبار السن، حيث أصبحوا يدخرون الذهب ويستخدمونه عند الحاجة بصيغة الرهن، بدل التلاعب بالأموال العمومية". وبخصوص الإيضاحات والمغالطات، فإن الخبير مبتول، تأسف كثيرا لما يحدث مع الجزائر، حيث تختلف التصريحات بين الداخل والخارج، إذ قال محافظ بنك الجزائر، لكصاسي، بأن احتياطات صرف الدولة في الخارج وصلت 156 مليار دولار سنة 2010، وهي في حدود 160 مليار دولار خلال 2011، غير أن المؤسسات المالية الدولية، تؤكد في أرقامها أن احتياط الصرف المتواجد بالخارج يصل 173 مليار دولار، والفارق هنا 13 مليار دولار، وهنا يتساءل الخبير عن الصح والخطأ، وأين ذهب الفارق؟، فيما طرح فكرة المرور إلى نقاش وطني موسّع، لكشف مختلف الحقائق، وتحسيس الشعب بالمخاطر الاقتصادية، تجنبا للأزمات والتصعيدات الاجتماعية التي تلاحقه دوريا، بالإضافة إلى تدوين مختلف الأرقام وتقديم المعطيات الصحيحة، لمواجهة كل الدعايات والشائعات التي تلاحق الجزائر دوليا. وعن احتياطي الصرف، يقول مبتول "لا بد أن يكون لدينا نصيب من الاحتياطي في الخارج، لضمان عوائد بالعملة الصعبة، أمام فقدان الدينار لقيمته الدولية، لكن منح الأولوية للمشاريع واستحداث ورشات تشغيل للاستثمار في مختلف القطاعات، هي الأساس بدل انتظار ما ستسفر عنه نتائج تداولات البورصات العالمية، والإبقاء على مخاوف اضطرابات الدولار والأورو"، ويقول أيضا الخبير "لعل التضخم أكبر معضلة تواجه الجزائر، وما تدعيمها للأسعار المواد الأساسية إلا دليل على حرصها على تجنب هذا التضخم، لكن إلى متى يبقى الدعم، وتبقى التبعية معه والمخاوف من اضطرابات العملات، والبلد في حاجة إلى تنويع الاستثمارات خارج المحروقات وإلى شراكة بنّاءة مع الأجانب، تقوم على أسس حماية الاقتصاد الوطني". في سياق آخر، تطرق الخبير مبتول إلى المخاوف السياسية والثورات العربية، وما يلحقها من تجميد للأرصدة بالخارج، مثلما حدث مع تونس، مصر وليبيا مؤخرا، ويصرح "حقيقة احتياط الصرف المتواجد في الخارج، يوجد في حالة خطر، إذ لو أن الجزائر وقعت تحت أزمة سياسية مثل ما حدث مع تونس، أو مصر او ليبيا، لتم تجميد أرصدتها بالخارج، وأصبح احتياطي الصرف في خبر كان، ولن نستفيد منه، كما لم يستفد التونسيون أو المصريون من الأرصدة المجمّدة بالخارج، ويكفي هذا لأن نحتاط ونستثمر داخليا بدل التفكير في البورصات الدولية، ولعب لعبة القمار، إما تربح و غما تخسر". الخبير مصطفى مقيداش "خزينتنا العمومية موجودة في واشنطن والدولار أساس تعاملاتنا" أكد الخبير الاقتصادي، مصطفى مقيداش، أن الجزائر تتأثر بحكم التبعية بكل التوترات الحاصلة في واشنطن، وقال "خزينتنا العمومية موجودة عندهم، والدولار أساس تعاملاتنا في الخارج، وهو بنسبة هامة يؤثر على متغيرات السوق الوطنية". شدّد الخبير على ضرورة محو هذه المخاوف التي تلاحق الجزائر دوريا، بسبب أزمة الديون الأمريكية أو اضطرابات السوق هناك، موضحا أن اقتناء سندات الخزينة الأمريكية، والمضي في تداول أصولها في البورصات العالمية، يعني تأثر الجزائر لا محالة بأزمة الديون التي لم تسددها بعد واشنطن، والتي تنتهي آجالها يوم غد، وفي عدم التسديد، ستنفجر أزمة عالمية، تداعياتها تفوق أزمة 2008، لذلك فإن الجزائر ملزمة بمراجعة كل تعاملاتها بالدولار، والعودة إلى استراتيجية الاستثمار بدل إيداع الأموال العمومية في الخزائن والبنوك الدولية وانتظار فوائدها أو خسائرها، وقال في ذلك "توجّهنا إلى الخزينة الأمريكية لإيداع أموالنا العمومية، ونحن بذلك نكون قد وضعنا خزينتنا العمومية عندهم"، مؤكدا أن هذه الخطوة تؤثر بشكل سلبي على مستقبل المال العام الجزائري، لا سيما في حال تسجيل تراجعات في عملة الدولار، أو ظهور أزمة مثلما يحدث مع واشنطن حاليا، والضغوط الممارسة عليها لتسديد ديونها الخارجية، والتي تكون من سندات خزينتها العمومية. فيما اعتبر الخبير مقيداش، في تصريحاته لنا أمس "قيمة الدولار ستحدد تعاملاتنا الخارجية، وهو الآن في تراجع مقارنة بالعملات الأخرى، ويعاني من أزمة مؤقتة، ما سيفرض على الجزائر أزمة مؤقتة أيضا"، مفصّلا في خطوات اقتصادية مختلف التوترات التي تؤثر على الاقتصاد الوطني، بداية بالدولار، مرورا بالتعاملات مع الأجانب، وصولا إلى اضطرابات سندات الخزينة الأمريكية، التي تتشكّل في جزء منها من الأموال العمومية الجزائرية. ولقد أشار الخبير إلى فكرة مهمة لإيجاد الحلول في مواجهة الخطر المحدق بالجزائر، متمثلة في تنويع الاستثمار وحسن استغلال المال العام، لا سيما وأن العجز الأمريكي المسجل حاليا له انعكاسات سلبية مباشرة على الجزائر، التي لا تزال تعاني التبعية في مختلف القطاعات للخارج. مصدر مالي يؤكد "إيداعاتنا لدى الخزانة الأمريكية بعيدة عن 50 مليار دولار" أوباما سيحل مشكلة الديون ولن تحدث أزمة عالمية أوضحت مصادر مالية مقرّبة من بنك الجزائر، أن نسبة احتياطي الصرف المودعة على مستوى الخزينة الأمريكية، بعيدة عن الرقم المتداول 50 مليار دولار، وهي أقل بكثير من هذا الرقم. في حديث إلينا، أمس، قالت مصادرنا إن الأرقام التي يتداولها الخبراء ليست صحيحة وتحمل مغالطات كبيرة وتضخيم من دون جدوى، معرّجة على الشائعات التي يلصقها الخبراء بالدولة من دون إحصاءات دقيقة، ورغم أن هذه المصادر رفضت تقديم الرقم الحقيقي للمال العام المودع في الخزانة الأمريكية، إلا أنها أكدت أن الرقم بعيد عن 50 مليار دولار "ولا يصل هذه النسبة، بل أقل بكثير، ولن يتأثر بأزمة الديون الأمريكية المطروحة حاليا، ولا يدخل في هذه الحمى التي يتم تداولها بين الخبراء، بل إن الأزمة تخص واشنطن، رغم تأثيرها من حيث التعاملات ونسبة صرف الدولار على الجزائر". وأكدت ذات المصادر أيضا، أن أزمة الديون الأمريكية، هي نتاج خلط وصراع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وهي الآن بين أيدي الكونغرس، وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لن يسمح بحدوث أزمة مالية مجددا، سيكون وقعها مؤلما على العالم، وتداعياتها ستكون أكثر مما كانت عليه أزمة الديون خلال 2008، والتي لم تتعاف بشكل نهائي لحد اليوم، فيما حاولت ذات المصادر تسليط الضوء على النسبة الصغيرة من إيداعات المال العام الجزائري في الخزانة الأمريكية، دون التطرق إلى تفاصيل باقي الاحتياطي المقدر عند 160 مليار دولار، بحسب إحصائيات رسمية قدمها بنك الجزائر سابقا. وراحت ذات المصادر تتحدث عن الضغط الممارس بين الحزبين الأمريكيين، وأن هذه الأزمة مجرد سحابة عابرة، ولن تؤثر على الجزائر وحدها في حال وقوعها، وإنما تؤثر على العالم ككل، وإن كانت مصادرنا تتمسك بحل التسوية للديون، وأن الرئيس أوباما لن يختار الأزمة، وسيكون الحل فعليا يوم غد، تاريخ انتهاء آجال تسديد الديون الخارجية الأمريكية، ولن تستمر موجة الحر القائمة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لأيام أخرى، وإن كانت هذه الموجة تحدد وزن هذين الحزبين على المستوى العالمي، ولا مجال لمقارنتها بالأحزاب الجزائرية، التي لم تساهم بشكل قوي في إخراج الجزائر من أزمة التبعية، بقدر ما تلتهم ميزانيات من دون جدوى. وتقول نفس المصادر "نحن في منأى عن الأزمة، وما يحدث زوبعة في فنجان، لاختبار العالم"، موضحة أن ذلك يتضمّن مخطط زرع المخاوف، لتأكيد الريادة الأمريكية. العرب ينتظرون حلول أوباما بورصات الخليج في خطر والجزائر غائبة شأنها شأن أغلب أسواق الأسهم حول العالم، واكبت الأسهم الخليجية، الأسبوع الماضي، التراجعات التي سجلتها الأسواق العالمية وسط مخاوف المستثمرين من تأثر الاقتصاد العالمي بأزمة الديون السيادية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ومنطقة اليورو. ووفقا لتقرير اقتصادي متخصص اجتمعت مؤشرات أسواق الأسهم الخليجية للأسبوع الثاني بعد أن سجلت خسائر ملحوظة متأثرة بعمليات البيع المتواصلة التي شملت العديد من الأسهم وخصوصا القيادية منها، وتصدر التراجعات مؤشر سوق أبو ظبي للأوراق المالية بعد أن فقد خلال الأسبوع ما نسبته 2.42 بالمئة، وتلاه مؤشر سوق مسقط بنسبة 1.58 بالمئة، ثم مؤشر سوق دبي المالي متراجعاً بنسبة 1.13 بالمئة، ومن بعده مؤشر سوق الكويت بتراجع قدره 0.69 بالمئة، يليه تراجع مؤشر السوق المالية السعودية بنسبة 0.68 بالمئة، فيما تراجع مؤشر سوق البحرين بنسبة 0.37 بالمئة، وكان مؤشر السوق القطري الأقل تراجعاً خليجياً وبنسبة 0.19 بالمئة. ولقد استغنى التقرير الاقتصادي العربي عن مؤشرات كل من مصر، تونس، وليبيا، لكون الأولى بدأت تتعافى مؤخرا، بسبب الثورة، فيما لا تزال تعاني الثانية والثالثة من ويلات الثورات الشعبية. ولم يدرج التقرير البورصة الجزائرية في القائمة، نظرا لحجمها الصغير وغيابها عن سوق التداولات الدولية، واقتصر على ذكر مخاطر الأزمة الأمريكية على الأسواق التابعة للدولار منها الجزائر أيضا، وكل الدول المصدّرة للنفط، بما أنها تمتلك مجتمعة كل أصول سندات الخزينة الأمريكية. ويترقّب العرب على أحرّ من الجمر - بحسب التقرير - حلول الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لإيجاد مخرج لهذه الأزمة قبل أن تعصف بالاقتصاد الأمريكي والعالمي، على أن يدفع ثمنها العرب غاليا، وسيكونون ضمن مصيدة تعويض الخسائر الناجمة عن هذه الأزمة.