العالم كله شاهد اللقطة المثيرة في محاكمة الرئيس المصري السابق، حسني مبارك .. شاهدوه وهو يدخل أصبعه في أنفه بحثا عن شيء ما داخل أنفه! لعله أهم مما يقوله قاضي الجلسة في هذه المحاكمة المهزلة على الطريقة المصرية! مبارك وابناه ظهروا في الجلسة يحملون المصاحف .. ويلبسون الأبيض .. لباس المسجونين المصريين قبل الحكم عليهم! تماما مثلما ظهر صدام حسين عند المحاكمة يحمل مصحفا .. وعند إعدامه أيضا كان يحمل مصحفا! لست أدري لماذا أحسست بالحاجة الماسة إلى معرفة رأي الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل فيما جرى في جلسة محاكمة مبارك الأولى؟! ربما لأنه هو الذي أطلق على مبارك لقب البقرة الضاحكة! .. ترى ماذا سيقول هيكل عن مبارك هذه المرة وهو يرى قناة "السيينان" تنشر وتعيد نشر صورة مبارك وهو يدخل أصبعه في أنفه؟ هل سيتذكر هيكل الحكاية التي حكاها لنا في نزل الجزائر قبل 35 سنة عن إمام اليمن المتخلف الذي أطاحت به ثورة اليمن في بداية الستينيات وناصر الجيش المصري العظيم هذه الثورة ضد الإمام المتخلف؟.. وكيف استقبل الإمام المتخلف قبل الثورة الأستاذ هيكل في بيته وجلس أمامه على كنبة وثيرة وراح يحدثه عن اليمن وهو يدخل أصبعه في أنفه ويمسحه في الكنبة التي يجلس عليها؟! هذه الصورة القذرة التي حكاها هيكل عن إمام اليمن تكررت مع رئيس مصري حكم مصر 30 سنة كاملة! مصر الحضارة.. وسجلتها كاميرا "السيينان" كأحسن لقطة في المحاكمة.. تماما مثلما سجلت ذاكرة هيكل، الصحفي العملاق، لقطة إمام اليمن عندما قابله لأول مرة! لست أدري لماذا تذكرت ما قاله لنا هيكل قبل 35 سنة في نزل الجزائر وأنا أشاهد ما اهتمت به "السيينان" الأمريكية من كل هذه المحاكمة أشد الاهتمام؟! عندما كان المصريون يربطون محاكمة مبارك بالشهداء الذين سقطوا في الثورة المصرية، كنت أشاهد عبر ذاكرتي صور "حفر الباطن" والعامرية والضاحية الجنوبية للبنان وقطاع غزة وما حدث لهما في عهد مبارك، الذي لم يكن يحكم مصر فقط، بل كان يحكم العرب أيضا! وقلت: سبحان اللّه، لم يجد هذا الرئيس الذي حكم أكبر بلد في العالم العربي أطول مدة من يتعاطف معه فيما يحصل له ولابنيه لأنه جعل مصر تقف خلف كل الكوارث التي لحقت بالعالم العربي في 30 سنة الماضية والتي لا يمكن لأحد أن يتصور حدوثها.. نفسي أعرف رأي هيكل فيما رأى، فلاشك أنه رأى فيما حدث ما لا تتاح رؤيته لأحد منا!