فضل العشر الأواخر من رمضان لا ينكر؛ لما كان يخصها به النبي، صلى الله عليه وسلم من زيادة الاجتهاد في الطاعة، ولأنها مظنة التعرض لليلة القدر، ويستحب للمسلم أن ينقطع للعبادة والذكر والدعاء والاعتكاف في هذه الأيام، إلا أن يكون ذلك الانقطاع سيلحق به ضررا أو بالمجتمع الذي ربما تتعطل حوائج الناس بسبب انقطاعه للعبادة، فيمكنه في هذه الحالة أن يأخذ من هذا الخير ما يستطيع ولا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها يقول الدكتور رفعت فوزي أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية الأسبق بكلية دار العلوم: بطبيعة الحال شهر رمضان كله خير، فله فضل على سائر الشهور كلها، لكن العشر الأواخر لها فضل خاص في هذا الشهر، ومن الفضل فيها سنة الاعتكاف، والانقطاع للعبادة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فهذه سنة، ومن فضل العشر الأواخر أن فيها على الأرجح ليلة القدر. والاجتهاد في هذه الأيام بالعبادة يعرض المسلم نفسه لليلة القدر، وليلة القدر خير من ألف شهر كما يقول الله عز وجل، وبطبيعة الحال يعتكف المسلم على قدر ما يستطيع والاعتكاف سنة، وقد تكون هناك واجبات على المسلم قد تحول بينه وبين هذه السنة الكريمة، كأن يكون مرتبطا بعمل يكتسب منه قوته وقوت عياله في هذه الأيام، فهذا واجب وهذا من السنة أيضا، فلا يترك الواجب من أجل السنّة. وكما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”، على أنه لا يشترط في السنة أن يكون الاعتكاف هو العشر الأواخر كلها وإلا فلا، فمن يستطيع أن يعتكف العشر الأواخر فلا بأس، ومن لا يستطيع إلا بعضها فلا بأس أيضًا، فإذا فاتك الكل (العشر الأواخر)، فلا ينبغي أن يفوتك الجميع، بقدر ما تستطيع. وكما قلنا هناك واجبات تقدم على الاعتكاف، فإذا كان المسلم غير مرتبط بهذه الواجبات، من الأفضل له أن يقتدي برسوله صلى الله عليه وسلم ويعتكف، فكما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان شد مئزره (كناية عن الاستعداد التام)، وأحيا ليله وأيقظ أهله (يعني حتى لا يفوتهم هذا الخير) “.