كان ذلك في وضح النهار...! على مرأى ومشاهدة من العالم كله...! ففي ذروة الحرب العدوانية الاجتياحية التي شنها بلدوزر الارهاب الصهيوني آنذاك-شارون-، اقدمت قوات الكتائب العنصرية معززة بجيش الاحتلال الصهيوني على اقتراف تلك المجزرة الصهيونية التي تعتبر واحدة من سلسلة طويلة متصلة من المجازر المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني، الا انها كانت من اقساها واكثرها وحشية واجرامية. كان ذلك على امتداد ثلاثة ايام كلملة (16,17,18-9-1982) لم تتوقف فيها عمليات القتل والذبح بدم بارد جدا، للجميع في المخيم، من الطفل الى الفتاة الى الشيخ الى الشباب والنساء، لم يعتقوا فيها لا رضيعا ولا طفلا ولا شيخا ولا شابا، فالجميع وضع تحت الذبح، فالمطلوب كان ابادة جماعية لهذا الجنس الفلسطيني. اطلق عليها منذ ذلك الوقت اسم ” مجزرة...”، والفلسطينيون يطلقون عليها منذ ذلك الوقت ايضا اسم”المجزرة..”، وذلك بغية ابلاغ العالم الرسالة..: ”دولة الاحتلال تواصل اقتراف المجزرة الابادية المفتوحة ضد الفلسطينيين”...؟! فهل يا ترى وصلت الرسالة ....؟!!!!. فالمجزرة الدموية الجماعية التي اقترفتها وتقترفها آلة الحرب والقتل والدمار الصهيونية في كل الاماكن الفلسطينية والعربية حيث يوجد الفلسطيني، فمن ديرب ياسين الى الطنطورة الى عشرات القرى والمدن الفلسطينية الاخرى التي شهدت المجازر الابادية، الى كل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في انحاء الضفة والقطاع، من غزة ورفح وخانيونس وبيت حانون وبيت لاهيا ...الى نابلس وجنين وكل المدن والقرى والمخيمات في الضفة، ومن هناك امتدادا الى لبنان في صبرا وشاتيلا، ومعها تلك المجازر التي اقنرفت ايضا ضد ابناء الشعب اللبناني في انحاء لبنان..كلها تتصل وتتكامل في سياق مجزرة صهيونية واحدة كبيرة متصلة هدفها الابادة الجماعية، فالمجازر والجرائم الصهيونية مستمرة لم تتوقف ضد الشعب الفلسطيني منذ النكبة الكبرى/48 . والملفت في كل ذلك، ان المجازر والجرائم الصهيونية كلها مخططة ومبيتة ومنهجية ومؤدلجة وكاملة وشاملة وآلة الحرب الصهيونية لم تترك حتى الساعة مدينة او قرية او مخيماً.. او مؤسسة او منشأة او مصنعاً او مزرعة... ولم تترك مجالاً من مجالات الحياة المدنية الفلسطينية الا وألحقت به الخراب والدمار.. كما لم تترك بيتاً فلسطينياً إلا وطالته.. ولم تترك اسرة فلسطينية الا وقتلت او جرحت او اعتقلت عدداً من ابنائها... هي حرب صهيونية شاملة على الشعب العربي الفلسطيني والهدف الكبير هو: الالغاء السياسي والحقوقي والقانوني والشرعي للوجود وللكيان الفلسطيني وشطب القضية بكل دلالاتها ومضامينها وملفاتها وحقوقها، كي لا تقوم قائمة للقضية .. وكل شيء غير ذلك نصب وخداع واحتيال وذر للرماد في العيون.. وكل الوثائق والخرائط والمقترحات الداعية للتسوية السياسية عقيمة لم ولن تزحزح جندياً صهيونياً واحداً عن نهر الاردن .... ولم ولن تفكك مستعمرة يهودية واحدة في الضفة الغربية، وأمامنا العشرات منها التي تدحرجت على مدى سنوات المفاوضات السابقة منذ مدريد. كل الوثائق والخرائط التسووية وفي مقدمتها خريطة الطريق لم ولن تجدي نفعاً مع بلدوزر الارهاب الصهيوني، اذا لم تتغير المرجعيات و الاولويات الفلسطينية والعربية.. والدولية ايضاً. ولعل اولى تلك المرجعيات المطلوب استحضارها وتفعيلها هي المرجعية الاممية التي تكتنز في ارشيفها مئات القرارات الشاجبة للدولة الصهيونية والمؤيدة للحقوق الفلسطينية. والقصة ليست اطلاقاً كما يزعمون دائما”دفاعاً عن النفس” او ”من اجل حماية امن المواطن الاسرائيلي” او ”من اجل وقف الارهاب الفلسطيني”، كما أنها ليست ”ردود فعل اسرائيلية” كما يزعم... بل هي ارهاب واجرام صهيوني مع سبق النية والتخطيط والاصرار.. على هذه الارضية والخلفية فقط يمكننا ان نقرأ طبيعة الصراع القائم والمفتوح، ونفهم الحملات الحربية والاجتياحات الدموية التدميرية والاغتيالات والاعتقالات والعقوبات الجماعية. وعلى هذه الأرضية والخلفية نقرأ كل الخطط والعناوين والاجراءات الصهيونية المستمرة من ”فك الارتباط والانفصال” عن غزة.. الى خطة ” التجميع والانطواء”و بناء الجدران وتحويل الضفة والقطاع الى اضخم معسكرات اعتقال في العالم . فالبلدوزر الصهيوني إذن يعمل في الجسم الفلسطيني على مدار الساعة.. ويقترف المجازر على مدار الساعة ايضا ... ولذلك نقول دائما : ان المطلوب.. المطلوب اولاً وقبل كل شيء فلسطينياً وعربياً هو: وقف وتعطيل ذلك البلدوزر - الصهيوني، والتي اخفقت كل الاتفاقات والمعاهدات والوثائق والخرائط والمقترحات المتزاحمة من كامب ديفيد -1- الى مدريد الى اوسلو الى وادي عربة الى طابا الى اي بلانتيشن والى الكامب -2- ثم امتداداً الى خريطة الطريق ثم الى انابوليس عن وقفه وتعطيله، وليس من المنتظر ان توقفه كافة الخرائط والوثائق الآتية لاحقاً طالما ان هذا المشهد العربي والدولي سيستمر بعناوينه واجنداته وسياساته نفسها. والمطلوب ايضا استجلاب دولة وجنرالات العدو للعدالة الدولية فالجرائم لا تسقط بالتقادم...! فالمناخات العربية الناشئة والمتطورة والآخذة بالتبلور تعزز وتدعم القضية والشعب والموقف الفلسطيني، فليقرأ الجميع في ذلك ادبيات وردود فعل وهواجس العدو....؟!