رئيس المجلس الولائي ل"الفجر": "تهاون رؤساء البلديات وانعدام رقابة الإدارة وراء فشل إنجاز مشاريع مخطط الرئيس" كشف تقر ير خطير تحصلت عليه "الفجر" عن أرقام ومبالغ مالية مرعبة، تتعلق بتأخر عدّة مشاريع تنموية ضخمة، كان رئيس الجمهورية وعد بإنجازها بولاية الوادي خلال عهدته الرئاسية الماضية، عبر مختلف بلديات الولاية الثلاثين، حيث تمس هذه المشاريع عدة قطاعات حيوية وهامة، على غرار الأشغال العمومية، الطاقة والمناجم، الإدارة المحلية، التعمير والبناء وقطاع النقل، الشباب والرياضة والصحة وغيرها. ولعل الغرابة في هذا التقرير الذي أعدته جهة رسمية وأرسلت نسخة منه للسلطات المركزية، أن هذه المشاريع يعود تاريخ برمجتها لسنة 2004، بما يعني تأخرا في الإنجاز تجاوز ال7 سنوات. التقرير الذي أشرفت على إعداده جهة رسمية، أشار إلى أن التأخر الكبير في إنجاز مشاريع مخطط الإنعاش الاقتصادي لرئيس الجمهورية لعهدته السابقة، تجاوز كلّ الحدود، لكونه كشف الغطاء عن غلاف مالي ضخم، مقدر بنحو 12 ألف مليار سنتيم مشكل من إجمالي أغلفة مالية لعدة مشاريع هامة وضخمة، مخصصة لعدة قطاعات حيوية وهامة كالغاز والكهرباء والشباب والرياضة والري والأشغال العمومية وغيرها. وعرف التقرير الذي أشرفت عليه لجنة خاصة مشكّلة من قبل جهات رسمية للتحقيق في برنامج رئيس الجمهورية، أخذت عينات من بعض القطاعات البارزة والهامة، وقامت بتدقيق الأرقام، ونسبة إنجاز المشاريع التنموية إلى حدود 31 ديسمبر 2010، فوجدت أن نسبة إنجاز المشاريع لم تتجاوز 46 بالمائة، بمعنى أن العمليات الحية قدرت ب1254 عملية برخصة برنامج إجمالية قدرت بأكثر من 85 مليار دينار، وبلغ الغلاف المالي للاستهلاك المتراكم أكثر من 40 مليار دينار، بنسبة 45.39 بالمائة، أما المتبقي للإنجاز فيقدر غلافه المالي بأكثر من 45 مليار دينار بنسبة 54.61 بالمائة، بمعنى أن المشاريع المتبقية أكبر من المنجزة. ولاحظ التقرير أن العدد المعتبر للعمليات الحية في البرامج القديمة والكتلة المالية المتبقية للإنجاز، من شأنه أن يثقل كاهل الولاية. ويحدث هذا في الوقت الذي باشرت فيه إنجاز المخطط الخماسي الجديد 2010-2014. كما لاحظ التقرير أن المخطّطات البلدية للتنمية بمختلف البرامج بها 709 عملية حية برخصة برنامج بأكثر من 7 ملايير دينار إلى غاية 31-12-2010، وحمل التقرير رؤساء البلديات مسؤولية تأخر الشطر المتعلق ببرامج المخططات البلدية للتنمية، لكونهم المسؤولين عنها. مشاريع ضخمة بعشرات الملايير مجمدة وعقب إعدادها لهذا التقرير، حاولت اللجنة المشكلة لهذا الغرض، والتي رفعت تقريرا مفصلا لوالي الولاية، لفت انتباه السلطات الرسمية إلى حجم الخسائر المادية الكبيرة الناجمة عن تأخر إنجاز هذه المشاريع الضخمة، التي جمدت أموالها بدون سبب مقنع حسبها. ويأتي قطاع المناجم والطاقة في صدارة القطاعات التي تأخرت مشاريعها، رغم ما فيها من أهمية كبيرة على حياة المواطن اليومية، حيث أشار التقرير إلى تأخر استغلال مشروع غاز المدينة لدائرتي جامعة والمغير بمبلغ 70 مليار سنتيم، وقد تمّ إنجازها في إطار برنامج آخر، وبقيت رخصة البرنامج غير مستغلة منذ سنة 2005. واقترح التقرير إعادة هيكلة العملية لاستغلال المبلغ فيما يخدم المشروع من خلال ربط حلقة نقل الغاز من بلدية الرقيبة إلى دائرة جامعة، مع مواصلة النقل إلى بلدية الطالب العربي الحدودية. وفي قطاع النقل، لاحظ معدو التقرير التأخر الفادح في تحسين خدمات النقل، مستدلين في ذلك بتأخر إنجاز المحطات واستغلال منشآت النقل في كل البلديات تقريبا، مع ملاحظة أن بعضها أنجز في أماكن غير مناسبة وغير وظيفية والكثير من هياكل القطاع تعرضت للتخريب والنهب، ولعل النقطة السوداء في قطاع النقل هي تأخر إنجاز المحطة البرية المسجلة منذ سنة 2005 بغلاف مالي قدره 42 مليار سنتيم تأسفت الجهة التي أعدت التقرير عن غموض عملية تأخر إنجازه رغم الأهمية الكبيرة له. وفي قطاع التعمير والبناء لاحظ التقرير تأخر إنجاز عدة مشاريع مهمة لها علاقة مباشرة بالإدارات العمومية وباقي القطاعات الأخرى، على غرار الفوضى التي تعرفها مدينة الوادي بسبب غياب مخطط توجيهي لتسيير مشاريع بلدية عاصمة الولاية، بحيث اقترح معدو التقرير إعادة تهيئة الطريق الإجتنابي مفترق الطرق "تكسبت"، إلى غاية الطريق الوطني رقم 16، وطريق بلدية الوادي ببلدية الرباح جنوبا، وهذا لتسهيل حركة المرور مستقبلا بعد إنجاز المحطة البرية، باعتبار أن هذه الطرق لم تنطلق بعد، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مطلب منتخبي الولاية، والمتعلق بمشروع الخطط الخماسي للمجلس الشعبي الولائي والخاص بتهيئة مركز مدينة الوادي باستغلال فضاءات الثكنة وما حولها، وإنجاز الممرات السفلية بالنقاط الثلاث في أماكن مفترق الطرق (تكسبت - طريق تڤرت - مركز المدينة 35). من جهتها، مديرية الإدارة المحلية، أخذت القسط الأوفر من تراكم المشاريع وتأخرها، حيث سجّل التقرير تأخرا وركودا في إنجاز عدة مشاريع هامة على غرار إنجاز وتجهيز مؤسسات الوقاية و500 سرير ببلدية الوادي و300 سرير ببلدية المغير مسجلة منذ سنة 2006، و300 سرير ببلدية جامعة، و300 سرير ببلدية ڤمار مسجلة منذ سنة 2007 كلها تابعة لقطاع العدالة. وأشار التقرير إلى أهمية هذه المرافق التي تعتبر ولاية الوادي في أمس الحاجة لها، والتي يشكل إنجازها تخفيفا من معاناة المواطنين الذين يتنقلون مرارا لزيارة أقاربهم بسجون ولاية بسكرة وولايات أخرى، خاصة بعد فتح مجلس قضاء الوادي في الوقت الذي تعتبر مؤسسة الوقاية الموجودة حاليا لا تتناسب مع أشغال المجلس، واقترح هؤلاء توجيه لائحة إلى وزير العدل حافظ الأختام لمنح ترخيص لإنجاز هذه المؤسسات بالتراضي، وكذا تأخر إنجاز وتجهيز ملحق محكمة ببلدية الرباح، والمسجلة منذ سنة 2006 بغلاف مالي قدره 14 مليار سنتيم، وكذا تأخر إنجاز وتجهيز محكمة بلدية ڤمار المسجّلة منذ سنة 2009 بغلاف مالي قدره 24 مليار سنتيم. ومن بين المشاريع المتأخرة أيضا، نجد دراسة وإنجاز الوحدة الجمهورية للأمن بالوادي والمسجلة منذ سنة 2006 بغلاف مالي قدره 50 مليار سنتيم وهي العملية التي تشهد تأخرا كبيرا رغم أنه تمّ إسناد بعض الحصص منها مؤخرا. كما أثر تأخر إنجاز مشاريع قطاع الري بولاية الوادي بشكل بارز على احتياجات السكان بالتزود بالماء الشروب بسبب تعطل غالبيتها لأسباب مجهولة، حيث سجل التقرير تأخر إنجاز خزان ماء ببلدية الوادي بغلاف مالي قدره 10 ملايير سنتيم مسجل منذ سنة 2006، مع تأخر إنجاز وتجهيز محطتي الماء المعالج ببلديتي جامعة والمغير بغلاف مالي قدره 50 مليار سنتيم مسجلة منذ سنة 2007، وتعذر انطلاق دراسة حماية مركز بلدية المرارة من فيضان وادي الرتم وهي العملية المسجلة منذ سنة 2008 بغلاف مالي قدره 600 مليون سنتيم وقد تعثرت عملية انطلاق الدراسة رغم كون الدراسة مستعجلة، فوادي الرتم يسجل سنويا خسائر فادحة مادية وبشرية نتيجة فيضانه، مع تسجيل تأخر تشغيل محطة معالجة المياه لبلدية الرقيبة والتي خصصت لها الدولة غلافا ماليا قدره 15 مليار سنتيم، فالعملية منجزة منذ سنة 2008 ولم تشغّل الأجهزة لحد اليوم. كما سجّل التقرير تأخّرا كبيرا للمشاريع المسندة لمديرية السكن والتجهيزات العمومية، حيث رصد تأخر إنجاز وتجهيز 1000 سرير بالإقامة الجامعية بغلاف مالي قدره 63 مليار سنتيم مسجلة منذ سنة 2006. وكذا تعثر إنجاز وتجهيز قاعة متعددة النشاطات 3000 مقعد ببلدية عاصمة الولاية مسجلة منذ سنة 2007 بغلاف مالي قدره 60 مليار سنتيم، وتعثر إنجاز وتجهيز قاعة متعددة النشاطات 1000 مقعد ببلدية حساني عبد الكريم مسجلة منذ سنة 2007 بغلاف مالي قدره 22 مليار سنتيم، وتأخر إنجاز ثانوية 1000 مقعد ببلدية الوادي مسجلة منذ سنة 2009 بغلاف مالي قدره 24 مليار سنتيم، وكذا تأخر إنجاز وتجهيز 6 أنظمة نصف داخلي فئة 200 وجبة مسجلة منذ سنة 2009 بغلاف مالي قدره 12 مليار سنتيم، مع تأخر إنجاز وتجهيز مركز مكافحة السرطان بغلاف مالي قدره 150 مليار سنتيم. أما في قطاع الأشغال العمومية فرصد التقرير تأخر فتح مسلك يربط بلدية الطالب العربي ببلدية بن قشة الحدودية على مسافة 58 كلم مسجل منذ سنة 2009 بغلاف مالي قدره 100 مليار سنتيم، مع تأخر إنجاز الدراسة المخصصة لإعادة تهيئة الطريق الوطني رقم 16. قلق في أوساط المنتخبين حول المخطط الخماسي الجاري ولتدارك هذا العجز دعا عدد من المنتخبين المحلين بولاية الوادي إلى ضرورة تدخل السلطات المركزية في البلاد بغرض فتح تحقيق معمق في خلفيات ركود هذه الأموال التي خصصتها الدولة للنهوض التنموي على مستوى بلديات ولاية الوادي، بحيث تساءل هؤلاء في لقاءاتهم المباشرة مع والي الولاية عن الكتل المالية المتبقية من إنجاز البرامج القديمة وانتاب هؤلاء قلق كبير حول الأموال الضخمة المرصودة للخماسي الجاري 2010-2014 الذي ضخ فيه رئيس الجمهورية أموال خيالية تجاوزت 250 مليار دينار مما يعني - حسبهم - أن الأغلفة المالية المخصصة لمختلف البرامج ستصدم بالعوائق السابقة التي حالت دون تجسيد جميع المشاريع، ويتخوف هؤلاء من أن يؤثر ذلك على مشاريع قطاعات حيوية كالسكن والتربية والري وهو الأمر الذي ينعكس بالسلب على حياة المواطن اليومية خاصة المغبونين ممن ينتظرون هذه البرامج بفارغ الصبر. السلطات الرسمية، وفي ردها على بعض الجوانب المتعلقة بالتأخر المسجل، أرجعت الأسباب إلى أمور تقنية منها موضوعية ومنها ما يدخل في خانة الغموض، على غرار النقص الحاد في عدة مرات لمواد البناء، خاصة الإسمنت وما لحقها من اضطرابات في أسعاره بالسوق المحلي أدت في كثير من الأحيان لتوقف الكثير من المقاولات بسبب ضعف الغلاف المالي المخصص لهذه العمليات ومحدوديته، هذا إضافة إلى ضعف وسائل الإنجاز حيث تفتقر الولاية لشركات ومقاولات بناء ضخمة وكبيرة قادرة على إنجاز مشاريع كبيرة بحيث تحتوي الولاية على مقاولات محدودة، وإمكانياتها البسيطة والمتواضعة عاجزة عن مسايرة الحركية الكبيرة في المجال التنموي، يضاف إليها قلة اليد العاملة بصفة عامة واليد العاملة الفنية على وجه الخصوص، وهذا بعد توجه غالبية الشباب للعمل في قطاع الزراعة بعدما أضحت الولاية قطبا زراعيا هاما في إنتاج بعض المحاصيل الفلاحية على غرار البطاطا التي امتهن زراعتها العشرات من شباب المنطقة بشكل أثر على كامل قطاع البناء إذ لم يعد بمقدور المقاولين إيجاد اليد العاملة الكافية لمقاولاتهم. رئيس المجلس الشعبي الولائي يؤكد العجز ويتشاءم من المستور ولأخذ رأي جهة رسمية حول هذه التجاوزات المسجّلة في مجال إنجاز المشاريع التنموية بولاية الوادي، تنقلنا إلى مكتب رئيس المجلس الشعبي الولائي بالوادي واستفسرنا منه صمت المنتخبين حول هذا الموضوع الخطير، فأجاب بالقول أن مجلسه على علم تام بكل المشاريع المتوقفة، وقد نبه السلطات الولائية ممثلة في والي الولاية حول خطورة التمادي في تجاهل توقف هذه المشاريع الطموحة لرئيس الجمهورية، غير أن الأمور تسير بوتيرة ضعيفة لمراقبة حيثيات الموضوع مضيفا بقوله إن هذه الأرقام لا توجد سوى في بعض القطاعات، وما خفي أعظم، لأنه توجد نحو 7000 آلاف مليار سنتيم أخرى لعدة مشاريع قطاعية إضافية مجمدة هي الأخرى غير أنه استدرك بقوله إن هذا الأمر سيتم طرحه رسميا على والي الولاية في دورة المجلس الشعبي الولائي المقررة نهاية الشهر الجاري. وحول الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا التأخر، قال محدثنا إنها متعددة ومتشعبة، غير أن أهمها هو ضعف آلية الرقابة لدى السلطات الرسمية وتثاقلها في متابعة المتراخين في إنجاز هذه المشاريع سواء من المسؤولين أو المقاولين، هذا إضافة إلى تهاون بعض رؤساء البلديات في تجسيد تطلعات الدولة الخاصة بالتنمية المحلية بسبب حساسيات سياسية ضيقة حول أرضيات إنجاز المشاريع في القرى والأماكن التي تمت تزكيتهم أو انتخابهم فيها، ما يجعل الطرق الموضوعية لاستهلاك هذه المبالغ المالية بعيدة كل البعد عن تطلعات الدولة الجزائرية