ضرورة معادلة التكوين بشهادات أكاديمية تتناسب والتسيير الميداني تؤكد مصادر مطّلعة على ملف التشغيل والتأطير البيداغوجي لموظفي مختلف الأسلاك، أن الحكومة قررت مؤخرا إعادة النظر في منظومة التسيير الإداري، وقررت إعادة بعث مشروع التكوين المتواصل لفائدة الموظفين. قرار الحكومة جاء متأخرا، بسبب تفشي ظاهرة "أخذ" برامج الإعلام الآلي الخاصة بتسيير مختلف المصالح من قبل المُحالين على التقاعد، ما يخلط أوراق هذه المصلحة فيما بعد، نظرا لعدم إمكانية مواصلة التعامل بنفس وتيرة النظام الإلكتروني السابق، لا سيما فيما يتعلق بخدمات الزبائن ومختلف المتعاملين مع هذه المصلحة، ولو تعلق الأمر بالموظفين التابعين لها، لذلك تقول مصادرنا، إن المشكلة لا تنحصر في ظاهرة أخذ البرامج الإلكترونية وملحقات الإعلام الآلي، وإنما الإشكالية متصلة بثقافة التكوين، وانعدام دوائر بيداغوجية تتكفل بتدريب الموظفين دوريا لمسايرة متغيرات السوق ومتطلبات الشغل، مع ضرورة تفعيل مسار التعليم الميداني عبر ورشات وتربصات مفتوحة، تمكّن الموظفين من تطوير مهاراتهم المهنية، وفي المقابل تمنحهم الجهات المكلفة شهادات عليا تعادل مستواهم "ولِمَ لا تعادل هذه الشهادات، شهادة الماجستر والدكتوراه، بما أن التدريب الميداني يصاحبه تعليم بيداغوجي مؤطر، يعكس تماما مدى تحسن مستوى الموظف، شأنه في ذلك شأن الطالب الجامعي وترقيته من مستوى إلى آخر، والأكثر من ذلك يتضمّن تكوين الموظف الجانب النظري والتطبيقي معا". وعن سياسة "الاتكال" المتبعة في مختلف الإدارات، عندما يتعلق الأمر ببرامج الإعلام الآلي، والاكتفاء بموظف واحد فقط، يتكفل بتسيير مختلف الأنظمة وتنفيذ مختلف العمليات التي تتطلب المرور على جهاز الحاسوب، ولو تعلّق ذلك بوثائق بسيطة، فإن ذات المصادر تؤكد أن الإدارة المحلية تنشط في مسار أُحادي، أي أنها حتى وإن كانت تستثمر أحيانا في التكوين المتواصل، إلا أنها تبعث موظفا واحدا فقط من دون مرافقة آخرين له، بالإضافة إلى عدم اكتراثها بمدى تحسّن الموظف ولا حتى مكافأته ماديا ومعنويا وترقيته في المنصب، ما يؤدي بالموظف إلى الاحتفاظ بما تلقاه من تكوين لنفسه دون منحه لمؤسسته. هذه الظاهرة تزايدت مع انقطاع الجامعة عن المؤسسات، أو النظري عن الميداني "ولا يمكن تجاوز هذه الظاهرة إلا بإعادة الاعتبار للموظف، وتحفيزه بالشهادات والمناصب، وكذا إدماج الموظفين في التدريس بالجامعة، لما لهم من خبرة وتجربة ميدانية تعادل تجربة طلبة الجامعة في الشهادات العليا وتتفوّق عليهم بالتطبيق الميداني". وترى مصادرنا أن خطوة الحكومة مؤخرا، بإعادة بعث التكوين المتواصل "إيجابية، لكن إن تمت بما يخدم الموظف والطالب معا، وذلك باستغلال خبرة الموظفين وإبداعاتهم في البحث العلمي".