شكل جنس المولود المنتظر عبر العصور شغل الوالدين الشاغل لاعتبارات خاصة تحكم بعضها الطبيعة والفطرة البشرية والاعتقادات المتوارثة، وكثيرة هي المحاولات التي سعى فيها الإنسان من أجل تحديد جنس المولود اعتمدت كلها على افتراضات النجاح أوالفشل، إلى أن تدخل العلم وأصبحت لاختيار جنس المولود وسائل مختلفة تتفاوت في درجات تعقيدها وفرص نجاحها، فيما يبقى إفصاح الأهل عن جنسه للأقارب رهينة التطير والمعتقدات التشاؤمية. بدأت محاولات الوالدين في اختيار جنس المولود بفرضيات تناقلت مع الأجيال ووجدت لها مدخلا علميا، لتنتهي بوسائل معقدة يديرها المختصون في هذا المجال. كما أثبتت العديد من الدراسات الحديثة أن هناك طرقا كثيرة تتدخل في تحديد جنس المولود، من مكونات الأطعمة، والجداول الصينية، وأطفال الأنابيب.. “من خاف سلم” عند إدراك الوالدين جنس طفلهما تبدأ مرحلة أخرى من التفكير في الرغبة في الكشف عنه للمعارف أو إبقاء الأمر سرا إلى حين ولادته.. خوفا من الحسد أو لاعتبارات أخرى تحكمها معتقدات الأهل وطريقة تفكيرهم. وبما أن إنجاب الذكر اليوم بات شبه نادر فالمواليد أغلبهم إناث.. ما جعل المرأة تخشى الإفصاح عن جنس جنينها إذا كان ذكرا عند معرفة ذلك، لأنها بكل بساطة تخاف من العين والحسد. من جهتها، اعتبرت أستاذة العلوم الشرعية، حسيبة مقدم، أن”هذه من علامات قيام الساعة، حيث يصبح لكل رجل 50 امرأة، مثلما ذكر في الأحاديث النبوية، ولهذا نجد أغلب المواليد اليوم إناثا”. ولعل هذا هو السبب الذي جعل الحامل بالذكر تخاف الإفصاح عن جنس جنينها من الإجهاض لأنها تعتقد أن العين قد تطوله، أوقد يصاب بحالة صحية سيئة عند ولادته، أو ربما تصاب هي بالمرض، فتكتم الخبر على قريباتها وصديقاتها والجيران عملا بالمثل القائل:”من خاف سلم”.. وكان هذا رأي أغلب من قابلناهن في قاعة الانتظار لدى أخصائية التوليد سايشي، حيث أعربت لنا أغلب الموجودات عن ترددهن في كل مرة يكتشفن فيها أن المولود ذكر في إخبار الناس خوفا من الحسد، أما إذا كان المولود أنثى فغالبا ما تذيع الأم جنس جنينها لتخفف عن نفسها نظرات اللوم والحسرة أوالشماتة التي قد تواجهها بعد الولادة.. الدكتورة سايشي:”يمكن اختيار جنس المولود علميا” أكدت الدكتورة سايشي، المتخصصة في طب النساء والتوليد، أن تغذية المرأة خلال الفترات الأولى في الحمل لها تأثير في عملية اختيار جنس المولود، وذلك بتأثيرها على نوع الحيوان المنوي الذي يلقح البويضة. ومن بين هذه الطرق أن تتناول الحامل وجبات غذائية منخفضة السعرات الحرارية أو عدم تناولها لوجبة الإفطار في الأيام الأولى للحمل لتزيد من احتمال إنجاب الأنثى، بينما يؤدي تناولها لقدر أكبر من السعرات الحرارية إلى إنجاب ذكر. كما أن تناولها للأغذية الغنية بالكالسيوم والمغنيزيوم يزيد من فرصة إنجاب الأنثى، بينما تنصح الدكتورة سايشي الحوامل الراغبات في إنجاب الذكر بتناول الطعام الغني بأملاح الصوديوم والبوتاسيوم لما لهذه المكونات من تأثير على نشاط كل من الحيوان المنوي والبويضات. وبالرغم من أن طيلة سنوات مضت كان التلقيح الاصطناعي أو أطفال الأنابيب حكرا على الأزواج الذين يعانون من مشاكل في الإنجاب، فإن الملاحظ -حسب الدكتورة سايشي - أن هذه الطريقة أصبحت ملجأ الأزواج الراغبين في جنس معين، لما تمنحه هذه التقنية من إمكانية اختيار نوع الحيوان المنوي الذي يلقح البويضة.. وبالتالي اختيار جنس الجنين، كما أكدت الدكتورة أن عدد الأزواج المقبلين على هذه الطريقة في تزايد مستمر رغم تكلفتها الباهظة.. الإسلام لا يتناقض مع العلم ويرفض الخرافات اعتبرت أستاذة العلوم الشرعية، حسيبة مقدم، أن هدف الكشف عن طريق الموجات فوق الصوتية هوبالدرجة الأولى للاطمئنان على الحالة الصحية للأم والجنين، واستطردت قائلة إن على المرأة أن تستوعب تلك الهدية الربانية وتشكر ربها عليها في الوقت الذي يحلم فيه غيرها بطفل، مرجعة التصرفات التي تقوم بها بعض النساء بكتمان خبر جنس المولود خوفا من الحسد إلى قلة الإيمان بالله وقضائه، متسائلة عن مدى تغيير عيون الناس لجنس الجنين وتحوله إلى أنثى؟.. وهل سيخفى جنسه عليهم بعد الولادة، مؤكدة أن المسألة تحتاج إلى منطق وعقل، فمن أراد أن يحسدها فسيحدث ذلك سواء كان قبل ولادتها أو بعدها، وإن قدرها سوف يصلها، فما قُدر لها سيكون مهما فعلت. وعن الأخذ بالأسباب لتحديد جنس المولود، تقول الأستاذة حسيبة:”إذا كانت الدراسات والأبحاث العلمية التي يجريها أهل الاختصاص ترمي إلى أن لبعض الأطعمة دور في تحديد جنس المولود فالأمر لا شك قد تكون له أرضية علمية، خاصة أن هناك بعض الأطعمة لها تأثير على جسم الإنسان وعلى سلوكه، فقد حرم الله سبحانه وتعالى أكل لحم الخنزير كونه ينعكس أثره سلبا على سلوكهم وتصرفاتهم، مثلا”، وأضافت: ”ليس معنى ذلك أن الإكثار من تناول الأطعمة التي تحدد جنس الجنين خارج عن قدرة الله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى هو الذي وضع الأسباب”.