يمثل الفيلم الوثائقي ”هنا نغرق الجزائريين”، الجزائر في المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية للدورة الثامنة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، المزمع تنظيمه في الفترة الممتدة من الثالث إلى الخامس عشر ديسمبر القادم بمشاركة 171 فيلما من 56 دولة. يعود المهرجان بعديد القضايا والموضوعات المطروحة، إضافة إلى ورش العمل واللقاءات السينمائية التي تركز في مضمونها على التبادل الثقافي والحضاري، وهو شعار رفعه المهرجان منذ انطلاقته عام 2004. أكثر الأفلام المشاركة - خاصة العربية منها - تعرض لأول مرة منها ”هنا نغرق الجزائريين” الذي عرض في الجزائر فقط أثناء إحياء ذكرى 17 أكتوبر 1961 هذا العام، وهو فيلم وثائقي هام يكشف عبر 90 دقيقة جرائم باريس التي ظلت حبيسة الأرشيف الفرنسي منذ سنة 1961، وتستعرض الصور الحية المنقولة من غرف العمليات ومراكز الشرطة ووزارة الداخلية والتسجيلات الصوتية، السياسات المنتهجة لقمع هذه المظاهرات بأبشع الوسائل. استطاعت المخرجة أن تقحم المشاهد مباشرة في مجازر 17 أكتوبر 1961 ويتفاعل معها تماما، كما تفاعل معها من عاشوها، ويكتشف أرشيفا لم يره من قبل؛ بل وأن يدخل بنفسه إلى قاعة قيادة الأمن، وبفضل حنكة هذه المخرجة جاءت الشهادات عفوية غير مبرمجة صادقة، سمحت بالبوح أمام الكاميرات بعد عقود من الصمت. أشارت المخرجة حين تواجدها مؤخرا بالجزائر، إلى أنها استندت في فيلمها على بث التقارير الفرنسية الرسمية والوثائق التي لم تنشر من قبل، بعضها كان مكدسا في صناديق منذ 1961، زيادة على أن المخرجة كانت لها اتصالات مع مسؤولين وحصلت على التفويض لتطلع على أرشيف الشرطة والحكومة ومختلف الدوائر، زيادة على أرشيف الجرائد ونشرات الأخبار ووكالات التصوير وغيرها. استندت ياسمينة عدّي أيضا على شهادات الفرنسيين الذين شهدوا تلك الأحداث الأليمة، والذين أجمعوا على إدانة فرنسا، باعتبارها جريمة ضد الإنسانية، ناهيك عن عرض مختلف المظاهرات التي نادى إليها الرأي العام الفرنسي وقوفا مع الجزائريين ومنها مظاهرة لصاحب نوبل والفيلسوف المعروف جون بول سارتر. ”هنا نغرق الجزائريين” سيعرض نموذجا من تاريخ الجزائر في محفل دبي الدولي، الذي يشهد الكثير من الأعمال التي تناقش القضايا السياسية والتاريخية. وبخصوص باقي الأفلام الوثائقية العربية المعروضة في هذه الدورة، فأغلبها يعالج ظاهرة ”الربيع العربي”، غير أنها -حسب المنظمين - أفلام عفوية يحتاج أصحابها إلى سنة أو سنتين ليستوعبوا هذه التغيرات وليصنعوا أفلاما تعبّر بحق عن قضاياهم. للتذكير، سيكرم المهرجان هذا العام عددا من السينمائيين العرب والعالميين، كما سيمنح جائزة ”إنجازات الفنانين” إلى كل من المصري جميل راتب والهندي ايه ارحمان والألماني فيرنر هيرزوغ.