وصلتني هذه الرسالة، أمس، على بريدي الإلكتروني، موقعة من طرف نجل المرحوم الشاعر محمد لخضر السائحي، وأنا أنشرها ليس كحق للرد، لأنه لم يطلب مني ذلك، لكن لما جاء فيها من نبرة تهديد، وأقول لصاحب الرسالة إن التاريخ لا يمكن أن يمحى بجرة قلم، أو لأن الوقائع لم تعد تتماشى ومطامع أصحابها، فالبطولات تصنع في ميدان المعركة، ومن لم يحظ بشرف النضال وشرف الشهادة أو الجهاد في سبيل الله والوطن، لا يمكن أن يصنع له شرفا من العدم، قصيدة والدك التي يمجّد فيها الجنرال ديغول موجودة في الأرشيف بالصوت والصورة وإن شئت سننشرها على موقع "الفجر" لتعميم الفائدة. وهذا نص الرسالة: "بصفتي الابن الأصغر للشاعر الذي اتهمته بتمجيد الاستعمار ووصف ديغول بالرسول، أوافيك بهذه التوضيحات وأكتفي - في هذه المرة - بتسجيل اعتراضي مع توضيح معلومات قد تفيدك في مرة لاحقة. اعلمي أن ما زعمت أنه من قول الشاعر المرحوم محمد الأخضر السائحي لم يسمع به سامع قبل ثلاثين سنة - وهو تاريخ ما أبعده عن الثورة والاستقلال - إذ ظهرت هذه الشائعة في جريدة (أو مجلة) "البديل" التي كانت تصدرها "الحركة من أجل الديمقراطية" المعارضة في الخارج باسم الرئيس الأسبق "أحمد بن بلة" الذي لا أظن أنه سمع بها قبل أن تنشر في صحيفته نظرا لعلاقة الاحترام والمودة التي جمعت بينه وبين الشاعر. ولا يخفى أن سبب بث هذه الإشاعة هو المس بمصداقية النظام في تلك الأيام - برئاسة "الشاذلي بن جديد"- الذي كان الشاعر مقربًّا منه. وعلى انتشار هذه الشائعة لم يذكر في مرة من المرات مصدر لها، فإذا علمها راويها الأول فإما أن يكون سمعها من الشاعر نفسه، وفي هذه الحال سيكون الراوي نفسه مشبوها لعلاقته القريبة بمن يمجد الاستعمار (!) أو يكون قرأها في مكان ما فليذكر مصادره ليكون كلامه موثقا مقبولا ولا يكون مجرد قذف وتجريح لرجل بذل حياته في سبيل الجزائر. والأدهى أنه لم تذكر في مرة من المرات أبيات من القصيدة المزعومة إلا البيت الذي ذكر شطره في المقال موضوع الرد. ثم كيف يكون مثل هذا الكلام من رجل عرفت عنه نزعته الدينية في جميع شعره، هذا إن افترضنا أن ما نسب له صحيح المبنى لا يتنافى مع أسلوبه شكلا. ولكن الأكيد أن هذا الكلام السقيم معنى ومبنى لا يشترك مع شيء مما قاله السائحي رحمه الله لينسب إليه بشكل من الأشكال، وإنما هي وشاية حاقد وكيد مبغض. فإني آمل ألا تتورطي في مثل هذا الأمر الذي لا دليل عليه ولا ينتفع به إلا أصدقاء الاستعمار، فنضال الشاعر السائحي أكبر وأوضح من أن تنال منه هذه الأقاويل السخيفة، فهو من بنى المدارس وأسس الفرق المسرحية والأفواج الكشفية وكتب الأناشيد الوطنية التي تلهب الحماسة من قبل أن يولد جيلك الذي هو مدين للسائحي وأمثاله بالروح الوطنية التي تحاولين إبرازها بالطريقة الخطأ. وعليه، أرجو منك نشر ما يصحح مقالك السابق، فإنه لا يليق بصحافي ولا بمفكر ولا بباحث أن يتعرض للأشخاص بما يسيء لأعراضهم وسمعتهم دون تأكد أو توثيق، والسلام". مناف سايحي