قُتل القذافي إذن.. ومن قبله أُعدِم صدام حسين.. وبين ذلك فر زين العابدين.. ودُفن بن لادن بأيادٍ أمريكية في أعماق البحر "الطويل"، وحدث الذي حدث في منهاتن، ومات الآلاف بالجوع في الصومال، وبالرصاص في العراق... ومنذ عقود طويلة يباد شعب في فلسطين، ويقمع في بورما، وتداس كرامته في ظلمستان وفقرستان وجوعستان ومرضستان.. وفي كل مكان تتحكم في رقاب شعبه حكومة ذئبستان.. وسجلت أسعار البترول أرقاما قياسية، صعودا ونزولا، وحدثت أزمات مالية في عدة دول عالمية، وأفلست المصارف والشركات، ومات "ستيف جوبز" صاحب مؤسسة "آبل" العملاقة لصناعة الإلكترونيات وحزن العالم لموته.. وثارت الشعوب على حكامها في عدة دول عربية.. ورحل عن عالمنا محمد عابد الجابري، ومحمد أركون، و"قطة هوليود" إليزابيث تايلور والشاعر عبد الكريم الجهيمان و"عمي" الطاهر وطار والكاتب أنيس منصور والفريق سعد الدين الشاذلي و"حكيم الجزائر" عبد الحميد مهري وزعيم كوريا الشمالية "كيم يونغ إيل".. وعبقري الكرة البرازيلية "سقراط" الذي استمد كنيته من عبقري الفلسفة "سقراط الحكيم". وقبل وبعد ذلك، ضربت الأرض أعاصير مدوية وزلازل مدمرة وابتلع التسونامي آلاف البشر.. وصنعت المخابر الصيدلانية الحدث وأخرجت للعالم أنفلونزا الطيور والنسور والخنازير والقطط والأسماك.. !! وسجلت "الجزيرة" و"بي بي سي" و"آن بي سي" و"فوكس نيوز" و"سكاي نيوز" و"سي آن آن" و"نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"لوفيغارو" و"العرب اللندنية" و"القدس العربي" و"الأهرام" و"الخبر" و"الفجر" كل تلك الأحداث وغيرها.. ولكن هل سجّل الفلاسفة مواقفهم وأعطوا تحاليل عميقة وافية كافية لفهم تلك الأحداث المهمة في راهنها؟ وإلى أي صيرورة تاريخية سينتهي بها الحال..؟ أين صناّع الفكر مما حدث ومما يحدث ومما سيحدث؟ هل يمكن فهم "الحدث" دون إعمال العقل والتدبر فيه؟ يقول هيغل إنّ "الفلسفة حين ترسم لوحتها الرمادية فتضع لونًا رماديًا فوق لون رمادي، فإن ذلك يكون إيذانًا بأن صورة من صور الحياة قد شاخت أو شكلاً من أشكال الحياة قد أصبح عتيقًا، لكن ما تضعه الفلسفة من لون رمادي فوق لون رمادي لا يمكن أن يجدد شباب الحياة، ولكنه يفهمها فحسب". نعم إنّ ذلك لن يجدد شباب الحياة ولكنه يفهمها فحسب، ولكن كيف تتم عملية الفهم، وكثير من فلاسفتنا، وأقصد العرب طبعا، لا يزالون يديرون ظهورهم (عفوا) عقولهم للواقع وللحدث ول"اليومي"، وكأنه مكتوب ومنقوش على أعمدة "البارثنون" أنه يجب على الفلسفة أن تبقى حبيسة الدائرة الأنطولوجية وفقط" عند عالم المُثل الجميل.. نقول هذا" لأنّ اللحظة التاريخية الراهنة تستوجب فكريا على المنتسبين لتلك الدائرة المعرفية الانخراط، وسريعا، في مشروع فكري متكامل يحاول فهم "الحدث" و"الواقع" و"اليومي"، وهذا الذي جعل نخبة من الأساتذة والمفكرين الجزائريين (بمناسبة يوم الفلسفة في الجزائر) يعتزمون تنظيم ملتقى دولي بجامعة سطيف تحت عنوان "الفلسفة والحدث- تحديات الواقع ورهانات المستقبل" شهر أبريل القادم بحضور أهل الاختصاص من مشارق الأرض ومغاربها.. وذلك بهدف إخضاع "الحدث" لعملية تشريحية ذات دلالات عقلية تكون المقدمات الفكرية والمحددات الفلسفية للمشروع الفكري العربي نقطة الانطلاق، والكشف عن الرهانات المستقبلية للنهضة العربية نقطة للوصول.