حل محمد بن سيرين أبوبكر محمد بن سيرين البصري التابعي الكبير الإمام القدير في التفسير، والحديث، والفقه، وتفسير الرؤيا، والمقدم في الزهد والورع وبر الوالدين، والذي توفي 110 للهجرة عن عمر يناهز الثمانين عاما، ضيفا بسيرته العطرة ومواقفه الصادقة على برنامج “يحكي أن” على قناة السالة. واستخلصت الدكتورة لينا الحمصي مواقف من حياة بن سرين حتى تكون دروسا مستفادة للمسلمين، خاصة أنه كان تاجرا شريفا وفقيها يصوم يوماً ويفطر يوماً، كما أنه اشتهر بالورع وكان عالما بارعا بتأويل الرؤى فضلا عن معرفته بالحساب.واختارت الحمصي موقفا لبن سرين الذي كان يعمل بالتجارة، عندما قام بشراء كمية كبيرة من الزيت من تاجر أخر ودفع جزءا من المال وأجل الباقي حتى يبيع الزيت.ولما رأي بن سيرين بعدما اشتراه رأى فيه فأرا ميت أفسد الزيت، وكان بمقدوره إرجاع الزيت الفاسد للتاجر ويسترد أمواله ولا يكلف نفسه بأموال آجلة، إلا أنه خاف أن يقوم التاجر ببيعه مرة ثانية لتاجر آخر، فقام بالتخلص من الزيت. وتعرض بن سرين لضائقة مالية جراء هذا الأمر نظرا للأموال التي كانت عليه من ثمن الزيت، وفشل في دفع بقيتها للتاجر الذي قام بحبسه ولم يكن رحيما معه. ودخل الرجل العظيم الصادق مع نفسه وليس في قلبه حقد، وكان يقضي يومه بالسجن في العبادة وكثرة الدعاء وقراءة القرآن، حتى تعرض لموقف غريب في يوم من الأيام وهو جالس في سجنه. وتجسد هذا الموقف في عرض السجان عليه الذهاب يوميا إلى بيته للمبيت هناك والعودة مبكرا في الصباح قبل أن يراه أحد، إلا أن بن سرين رفض اقتراح السجان وقال له: “والله لا أفعل”، فدهش السجان من رده وسأله عن السبب، فقال له حتى لا أعينك على خيانة ولي أمرك”. وكان محمد بن سرين تقيا ورعا إذا طلع الفجر يذهب إلى المسجد يفيد ويستفيد من الناس هناك، ثم يذهب للسوق ليعمل وإذا اقبل الليل يتعبد الله كثيرا ويبكى خوفا من عقاب الله. وتميز بن سيرين كونه عالميا في تأويل الأحلام وبالجرأة والشجاعة حيث أنه في أحد المرات عندما ذهب إلى العراق مع ابن أخيه، جاءه رجلا وقال له إنه يحلم بأنه أسد الزقاق، فقال بن سيرين مع من حوله أن هذا الرجل يخنق الصبيان، وفي جرابه آلة الخناق، فتبعه الرجال وكشفوا جرائمه وسلموه إلى السلطان وقتها، فأقر بأنه يخنق الصبيان. وكان بن سيرين يوصي أهله دائما بالإسلام، حيث أن وصيته قبل وفاته لأهله وبنيه أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم وأن يطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به (إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنت مسلمون)، وأوصاهم ألا يدعوا أن يكونوا إخوان الأنصار ومواليهم في الدين، فإن العفاف والصدق خير وأبقى وأكرم من الزني والكذب.