أبرق رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، إلى الرئيس الفرنسي المنتخب ديمقراطيا، فرانسوا هولاند، مهنئا، وكانت رسالته بين الرسائل الخمس الأولى التي وصلت هولاند، فهل معنى هذا أن العلاقة بين البلدين ستكون أفضل؟ وهل ستكون علاقة هولاند الاشتراكي مع الجزائري مختلفة عن علاقة حزبه مع بلادنا؟ فتاريخ هذا الحزب مع بلادنا كان الأسوأ، فميتيران كان وزيرا عندما مارس الاستعمار الفرنسي أبشع طرق التعذيب على الشعب الجزائري، وميتيران كان رئيسا عندما ابتليت الجزائر بالإرهاب، فقاد حملة ضد الجزائر ونجح في غلق أبواب الدنيا في وجوهنا، وفي عهده حاول وزير خارجيته كوشنير التدخل في الشأن الجزائري بهدف تدويل القضية الجزائرية. وإن كانت العلاقة لم تكن أحسن في عهد ساركوزي، مثلما كانت في عهد شيراك أين كانت العلاقة في أحسن أيامها. فهل سيقول الرئيس هولاند، الذي أظهر طوال الحملة صداقة متميزة تجاه الجزائر والشعب الجزائري، وحيال المهاجرين، أن رئاسة هولاند ستكون مختلفة عن رئاسة ميتيران؟ وهل سيحدث قطيعة مع هذا الماضي المشين للحزب الاشتراكي مع الجزائر؟ وهل سيقود تعاونا حقيقيا مع الجزائر، مع مراعاة مصلحة الطرفين، لأن التعاون الذي أراده أسلافه كان لا يختلف عن نظرة فرنسا الاستعمارية للجزائر، مصدرا للثروات وأرضا للنهب على حساب مصلحة الشعب ومصلحة وسيادة بلده. لا نريد من الرئيس الفرنسي الجديد أن ينظر إلى الماضي ويستلهم منه أفكارا، فهذا الماضي غير مشرف لرئيس من حجم هولاند، بل عليه أن ينظر إلى المستقبل ويبني علاقة معنا على أساس طموح شعبينا، ثم هناك مسألة أخرى على هولاند أن يتخذ موقفا منها إن أراد أن يبني علاقة متميزة مع الجزائر، مسألة الربيع العربي، هذا الإرث الثقيل الذي تركه له سلفه ساركوزي الذي قاد عدوانا على ليبيا، هولاند مجبر على اتخاذ موقف مغاير لسلفه، لأنه إن لم يفعل فعلاقته بالجزائر ستكون خريفا، بل شتاء قاسيا. على هولاند أيضا أن يحدد موقفا من قانون تمجيد الاستعمار، وأن يعمل على إلغائه ويدين صراحة هذا الماضي الذي لم يضر بالجزائر وحدها، بل كان عارا على جبين الإنسانية. أعرف أن موقف الرئيس لن يكون بالضرورة مطابقا لخطاب الحملة، لكن الأمل كبير أن يكسر هولاند هذا التقليد..